قصد مجلس نقابة الصحافة اليوم برئاسة النقيب عون الكعكي في إطار جولته على مسؤولي الدولة، رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، وكان لقاءً مطولاً وضع فيه القاضي عبود ليس فقط الإصبع على المسائل الهامة بل أيضاً وجهة نظرته الثاقبة باتجاه الأمور العالقة والتي هي محل اهتمام الدولة والرأي العام، وبالأساس هي في قلب وعقل ووجدان الرئيس سهيل عبود.
لم يكن اللقاء مقابلة “س و ج” بل حوار من عقل رجل هضم الهم القضائي من ألفه إلى يائه، وشخّص وحدد المشاكل، والأهم من ذلك رسم خط الانطلاق الذي منه يبدأ القضاء مسيرة بناء نفسه باندفاعة جديدة وبأسلوب يعوض فترة شلل طالت كل مؤسسات الدولة نتيجة ظروف السنوات الأخيرة.
المعادلة اليوم في القضاء تقوم على معيار أن القاضي الكفوء في المكان المناسب، والمساءلة ليست مؤجلة لحين بلوغ لحظة التشكيلات الرسمية التي لها علاقة بتوقيتات ذات شجون وهموم؛ بل مرتبطة بحصيلة ما أنتجه كل قاض خلال ستة أشهر.
وبكثير من الثقة يمكن القول أن من يستمع لرئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود تصل إليه رسالة من ثلاثة عناوين: الأول أن الجسم القضائي بين أيدي أمينة وعارفة وشفافية.. العنوان الثاني: زمن الإنتاجية مع إدراك عميق بصعوبة الوضع الذي يمر به البلد حالياً؛ العنوان الثالث قوامه أن الملفات القضائية المفتوحة الآن بينها ملفات تحدث ثورة في إعادة ثقة المواطن بالدولة ومؤسساتها وعلى رأسها القضاء..
لقد رسم القاضي سهيل عبود خارطة الطريق التي بدأت بإنجاز إعادة تزخيم الجسم القضائي وتنفيذ خطة ملء الشواغر بمنظار معايير الكفاءة والثواب والمساءلة، حيث صار يمكن اليوم القول مبدئياً أن من بين أبرز مزايا العهد الجديد هو هذا الفرق الذي بات يمكن تلمسه بخصوص تحرك عجلة القضاء والانتقال على هذا الصعيد من مرحلة سقوط دولة المؤسسات التي سادت لفترة – والجميع عايشها – إلى مرحلة نهوض لهذه المؤسسات والقضاء في مقدمها.
منذ انتخاب الرئيس جوزاف وعون وتشكيل الحكومة برئاسة القاضي نواف سلام وتعيين وزير العدل عادل نصار، أُعطي البلد الفرصة المؤاتية لإحياء دولة القانون والمؤسسات، وتم ترجمة هذا الأمر في البداية عن طريق تشكيل مجلس قضاء أعلى منسجم، حيث تم اختيار أفضل القضاة القادرين على العمل كفريق واحد، ولديهم النيّة للعمل الجماعي السليم والصحي لمصلحة القضاء في لبنان، وبالفعل بدأ العمل بتحديد معايير الإلتزام وتعيين الأشخاص المناسبين في المواقع المناسبة، والأيام – كما يعِد القاضي عبود.
لقد جرت الشكيلات وفق منطق أحسن الممكن وبكل حرية وديمقراطية، وجرى الموافقة من دون تأخير على تعيين 524 قاضٍ، بكل موضوعية، وبعدها أتت التعيينات واستكمل الأمر بإرادة العمل بين القضاة، إرادة بناء الدولة واستعادة الثقة بين القضاء والمواطن. ونحن ماضون والقادم من الأيام سيظهر الإنجازات التي سنقيّمها لنعرف أين أصابت وأين أخطأت.