خاص الهديل….
كتب بسام عفيفي
تكتسب زيارة البابا لاوون الرابع إلى لبنان بين يومي ٣٠ نوفمبر و٢ ديسمبر ٢٠٢٥ أهمية بالغة لما تتضمنه من خلفيات وازنة ورسائل يحتاجها لبنان لدعم صموده بوجه الأزمات الكثيرة التي يعانيها من جهة؛ ولدعم الجهود التي تقوم بها الدولة اللبنانية لتجاوز هذه الأزمات واستكمال مشروع بناء الدولة وتصليب عودها (الخ..)، من جهة ثانية.
لا شك أن مجرد قرار البابا لاوون الرابع بزيارة لبنان هو مكسب كبير لبلد الأرز؛ فالبابا بما يمثل؛ يعتبر ثقلاً دولياً هاماً بمثلما هو ثقل معنوي كبير؛ وعليه فإن مجرد وصوله للبنان، سيجذب إلى هذا البلد الاهتمام الدولي به؛ وسيجعل قضايا لبنان تقفز لتصبح تحت ضوء الاهتمام الدولي بها؛ وهذا أمر يحتاجه لبنان الباحث عن لحظة ثمينة يتم فيها اللقاء بين جهده الداخلي الذي بدأ مع انتخاب الرئيس جوزاف عون وتشكيل حكومة نواف سلام، وبين جهد دولي يتقدم بشكل عملي وملموس لدعم لبنان.. والواقع أن هناك أملاً كبيراً بأن تؤدي زيارة البابا لاوون الرابع إلى لبنان إلى إنضاج اللقاء بين الجهد الداخلي القائم والجهد الخارجي المطلوب..
.. وما تقدم هو الذي يجعل مراقبين كثيرين يتحدثون ويتوقفون عند أهمية توقيت زيارة البابا لاوون الرابع إلى لبنان؛ كونها – أي الزيارة – تأتي مع انتهاء عام توقفت بآخره حرب غزة وأخواتها، ومع بداية عام يُفترض أن تبدأ فيه مسيرة الانتقال إلى مرحلة ما بعد الحرب وبدء انتاج الحلول. ولبنان موجود وسط هذه التحولات؛ وهو ينظر بقلق إلى المفرق السياسي الموجود بين نهاية عام ٢٠٢٥ وبداية عام ٢٠٢٦؛ ولذلك فإن وجود البابا في لبنان في هذه اللحظة الانتقالية تعطي بلد الأرز نوعاً من الحصانة الدولية الهامة بوجه عدة أخطار، وقد يكون أبرزها خطر تعرضه لعدوان إسرائيلي جديد كما يهدد نتنياهو؛ وأيضاً يُعطي وجود البابا في لبنان خلال هذه الفترة دعماً كي يكون أكثر حضوراً على طاولة الانتقال الإقليمي من حالة لحالة خلال العام الجديد..
وأهمية توقيت الزيارة تشمل أيضاً قضايا أخرى؛ ليس آخرها أنها تتم على مقربة من موعد عقد الانتخابات النيابية في لبنان؛ ووجود البابا على أرض لبنان في مثل هذه اللحظة، يعطي الأرض السياسية اللبنانية ثقة أكبر كي تعبر عن نفسها انطلاقاً من مبدأ التناوب الديموقراطي للسلطة؛ وانطلاقاً من مواجهة الاستحقاقات الدستورية والوطنية الداخلية بشجاعة وطنية ومعنوية أكبر.
والواقع أن زيارة البابا لاوون للبنان تفتح الكثير من نوافذ الفرص أمامه، وتعالج بحكمة مزلاج الباب اللبناني الموصد على الأزمة. وفي هذا المجال يمكن القول ان لبنان لديه في هذه اللحظة أملين إثنين مهمين: الأول هو ترقب النتائج الهامة المعقودة على زيارة البابا لاوون الرابع؛ حيث أنها لن تكون فقط نتائج معنوية هامة، بل سيكون لها أيضاً تعبيرات سياسية لا تقل أهمية..
والأمل الثاني حسب مراقبين كثر يتمثل بالنتائج الإيجابية التي ستطال كل المنطقة والتي منتظر أن تسفر عنها زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة الأميركية.
.. ومن وجهة نظر استراتيجية فإن هاتين الزيارتين تعبران عن ثقل إيجابي استراتيجي يمكن لهما أن يساهما كل واحد منهما حسب موقعه ووزنه؛ في إحداث تغيير ايجابي كبير على مستوى الكثير من أزمات المنطقة؛ ولا شك أن لبنان سيكون حتماً من بين المستفيدين من حدوث مثل هذا النوع من التحولات الكبرى..
ينتظر لبنان زيارة البابا لاوون الرابع إلى ربوعه وهو يتطلع برجاء أن تسهم هذه الزيارة في تأكيد هوية لبنان كبلد عربي يؤدي بنجاعة رسالة التعايش الحضاري والديني المشترك في الشرق الأوسط..
