الهديل

نزيه حمد: ابتكر طريقك… واحذر السوق الخطأ والحاشية الخطأ

نزيه حمد:
*ابتكر طريقك… واحذر السوق الخطأ والحاشية الخطأ*

 

بقلم: نزيه حمد
رئيس مجموعة نزيه اللبنانية الخليجية للصناعة والتجارة
كثيرٌ من المشاريع والقرارت تتعثر في منتصف الطريق،
لا لأنها ضعيفة، ولا لأن أصحابها يفتقرون إلى الكفاءة،
بل لأنها وُضعت في البيئة الخطأ.
كم من منتجٍ استثنائي لم يُحقّق أي مبيعات،
وكم من فكرةٍ مبتكرة لم تجد من يلتفت إليها،
فقط لأنها طُرحت في سوقٍ لا يرى قيمتها الحقيقية،
أو في وقتٍ غير مناسب، أو أمام جمهورٍ لم ينضج بعد لاستقبالها.
النجاح ليس فكرة جيدة فقط،
بل توقيت، ومكان، وبيئة، وفهم دقيق للسوق.
قد تصنع تطبيقًا ذكيًا في مدينة ما زالت تفضّل الورق،
أو تطرح منتجًا فاخرًا في سوق يبحث عن الأرخص،
أو تقدّم خدمةً متقدمة في بيئة لم تدرك حاجتها إليها بعد.
هذا لا يجعل الفكرة فاشلة…
بل يعني أنك بحاجة إلى أن تغيّر الاتجاه، لا أن تهدم الحلم.
وقد يكمن الحل ببساطة في أن تبحث عن الأرض الخصبة.
الحاشية الفاسدة… الخطر الذي يقتل المشاريع من الداخل
ليس الفشل دائمًا بسبب فكرةٍ غير مناسبة أو سوقٍ غير مواتٍ.
أحيانًا يأتي الخطر من داخل المشروع نفسه.
فكم من مشروعٍ واعد سقط،
لا لأنه اختار السوق الخطأ،
بل لأنه أحاط نفسه بأشخاصٍ غير أمناء:
يُخفون الحقائق، يجمّلون الأخطاء،
ويقدّمون الولاء للأفراد بدلًا من المصلحة العامة.
الحاشية الفاسدة أخطر من المنافسين.
المنافس يدفعك لتتحسن،
أما الفاسدون فيُخدّرك مديحهم بينما ينخرون الأساس.
هم الصوت الذي يمنع عنك الحقيقة،
والحاجز الذي يفصلك عن أرض الواقع،
والسبب الذي يجعل القائد يظن أنه يصعد… بينما هو يسقط.
اختر في دائرتك من يقول لك ما يجب أن تسمعه،
لا ما تحب أن تسمعه.
فالنقد الصادق أثمن من ألف مُصفّق.
النسخ بدل الإبداع… مقبرة الأفكار
من أخطر ما يصيب المشاريع — اقتصاديًا أو اجتماعيًا أو سياسيًا — هو الاعتماد على النسخ:
نسخ تجربة الغير دون فهم السياق،
نسخ نموذج ناجح دون دراسة البيئة،
نسخ مبادرة جميلة دون الحاجة إليها.
كم من مؤسسة اعتقدت أن نجاح مشروعٍ لدى منافسها يعني نجاحه لديها،
فاكتشفت أنها نسخت القالب ولم تنسخ الروح.
وكم من مبادرةٍ اجتماعية فشلت لأنها لم تُبنَ على احتياجٍ حقيقي،
بل على تقليد مبادرة رائجة في مكان آخر.
وحتى في السياسة، سقطت نماذج كاملة لأنها استنسخت تجارب لم تنبع من هوية المجتمع وخصوصيته.
الابتكار ليس رفاهية… بل شرط للبقاء.
ومن لا يبتكر، سيظل يدور في فلك غيره مهما كانت نيته الإصلاح.
لا تستسلم، ولا تُكرّر، ولا تتسرّع في الحكم على فكرتك.
قد تكون فكرتك الصغيرة، الأصيلة، الواقعية،أكثر قيمة من ألف مشروع ضخم مستنسخ.
ازرع ما يناسب أرضك،
وابتكر ما يعكس هويتك،
واختَر أهل الأمانة لا أهل المجاملة،
وعندها… ستزدهر فكرتك حقًا، وتُثمر في الوقت المناسب.

 

Exit mobile version