الهديل

الكعكي: الرئيس نبيه بري… مهما طال الزمن!

 

كتب عوني الكعكي:

الحمدلله في هذه الأيام الصعبة التي تمر بها البلاد، خصوصاً العنجهية والغطرسة الإسرائيلية التي ليس لها حدود، حتى الزيتون لم يسلم من إجرام جنود الدولة العبرية الذين أحرقوا أشجار الزيتون إنتقاماً. وإن دلّ ذلك على شيء، فإنه يدل على الحقد والغيرة التي تتملّك الإسرائيليين.

لبنان واللبنانيون يعتبرون إسرائيل هي العدو رقم واحد، وقد ترجموا عن هذا الاعتقاد في كثير من المناسبات.

أريد هنا أن أذكّر العالم، بأنّ الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، وبحجة القضاء على المقاومة الفلسطينية ومنظمة التحرير، حاصروا بيروت لمدة 100 يوم. ويفيد أحد المعاهد الاستراتيجية بأنّ عدد الصواريخ والقذائف التي سقطت على بيروت أيام الحصار، يفوق عدد القذائف والصواريخ التي سقطت على برلين في الحرب العالمية الثانية.

بالعودة الى أيام الترسيم البحري بين لبنان والعدو الإسرائيلي بتاريخ 27 تشرين الأول 2022، والذي كان يقوده كمفاوض عن الجانب الأميركي السيد آموس هوكشتين، لعب الرئيس نبيه بري دوراً مميزاً في تلك الحقبة، واستطاع بحنكته وذكائه وحكمته ودرايته أن يصل الى نتيجة مع الإسرائيليين.. بالرغم من كل الألاعيب والكذب والبهلوانيات التي مورست على لبنان.

أقول هذا الكلام كي ألقي الضوء على ما كان يفعله الرئيس نبيه بري، من أجل الوصول الى الحلول السليمة.. لأنه أدرك إدراكاً عميقاً أنّ الوقت قد حان كي نصل الى اتفاق سلام، وأننا لا نستطيع أن نقاتل إسرائيل، لا سيما في ظل التفوّق الاستراتيجي والعسكري والمعلوماتي والأسلحة المتفوّقة التي تزوّدها بها أميركا التي لا نستطيع أن نجابهها.

إنطلاقاً من ذلك، يتذكر الجميع أنّ المندوب الأميركي جاء الى لبنان في مهمة عقد اتفاق بين لبنان والعدو الإسرائيلي في الشهر الأوّل للحرب التي بدأها شهيد فلسطين القائد حسن نصرالله لمساندة غزة.. وفي اليوم الأول لمعركة أبطال 7 أكتوبر. وبالفعل حقق إنجازاً كبيراً، إذ أجبر الإسرائيليين على أن يسحبوا من شمال فلسطين الى المدن الداخلية، وهجّر 80 ألف إسرائيلي من القرى الحدودية.. ولكن بالمقابل، وبسبب التفوّق العسكري على صعيد «المسيّرات»، وعلى صعيد الصواريخ، وعلى صعيد الطيران، نتج عن هذه الحرب انسحاب أو تهجير 800 ألف لبناني من جنوب لبنان ومن ضاحية بيروت الجنوبية، ومن بعلبك والهرمل والبقاع الغربي والأوسط.

كلمة للتاريخ، فإنّ شهيد فلسطين دخل الى الحرب ضد إسرائيل إيماناً منه بأنّ القضية التي ناضل من أجلها هي قضية فلسطين.. ومحاولة لتحرير فلسطين وخاصة بوجود «فيلق القدس» الذي لم يدفع ثمن هذا الشعار المقدّس أي شهيد من فيلقه. كل ما هنالك كان يتغنّى بشعارات وخطب. الوحيد الذي اتخذ قرار المساندة هو السيّد حسن نصرالله بالرغم من أنّ الملالي لم يكن مع ذلك القرار، لكنّ السيّد حسن أحرجه وهكذا وقفوا يتفرّجون على ما يحدث.

بالعودة الى مواقف الرئيس نبيه بري، خصوصاً أنّ المندوب الأميركي عمل مشروعاً ينصّ على ما يلي:

1- الانسحاب من كامل الأراضي اللبنانية بما فيها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا.

2- الانسحاب من 23 نقطة موضع خلاف مع الإسرائيليين لا من 5 نقاط فقط كما هو متداول.

3- إعادة النظر باتفاق الترسيم البحري، خصوصاً أنّ إسرائيل سرقت 900 كيلومتر من الحدود البحرية.

المصيبة الكبرى أنّ المندوب الأميركي جاء الى لبنان 11 مرّة، وفي كل مرّة كان يعرض هذا الاتفاق، والرئيس بري يحمل الاتفاق ويجتمع مع شهيد فلسطين السيّد حسن نصرالله الذي كان يرفض رفضاً مطلقاً. حتى أن الرئيس بري حاول عدّة مرّات أن يشجع على الاتفاق… لكن الرفض كان الجواب الدائم.

المصيبة الكبرى والأكبر أنّ الرئيس بري شعر بخطورة الموقف ودقة الأوضاع على الأرض، لكن السيّد كان يرفض دائماً.

اليوم نرى أنّ الرئيس بري، ومن مبدأ خوفه على لبنان، وبعد خسارة السيّد حسن شهيد فلسطين، أرسل الى إيران معاونه السياسي علي حسن خليل علّه ينجح في إقناع الإيرانيين بضرورة الذهاب الى الحلّ السلمي.

إنطلاقاً من ذلك، نقول: إنّه لا يزال يوجد في هذه الأمّة من يشعر بالخطر، ويحاول أن يحذّر منه. لكن المصيبة «على من تقرع مزاميرك يا داود».

نتمنى صادقين أن ينجح المعاون السياسي للرئيس بري في مهمّته، لأننا في وضع سياسي وعسكري وأمني لا نُحسد عليه.

مع الإشارة الى معلومات استقيناها، تشير الى أنّ إيران فوّضت ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالبحث مع المسؤولين الأميركيين، خلال زيارته الى الولايات المتحدة، الأمور العالقة بين إيران وأميركا، والتي تشكّل عائقاً في طريق الوفاق الإيراني – الأميركي.

من هنا، أتمنى مخلصاً أن تتكلّل جهود الأمير محمد بن سلمان بالنجاح، كما أتمنى نجاح مهمة مستشار الرئيس بري… فتلتقي جهود دولة الرئيس بري بجهود المملكة العربية السعودية، فينعم لبنان والمنطقة بالاستقرار والأمان.

 

*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*

Exit mobile version