الهديل

خاص الهديل: ٢٨٠٣: نقطتان تقلقان إسرائيل استراتيجياً..

خاص الهديل….

بقلم: ناصر شرارة

ولد أمس في مجلس الأمن القرار ٢٨٠٣ الخاص بغزة وملحقات له تلحظ الولوج إلى مسار طويل يبدأ في غزة وينتهي على مدى أبعد بالاقتراب من ملف حق تقرير المصير للفلسطينيين.

غير مضمون كيف ستسير الأمور على مستوى التنفيذ العملي لهذا القرار؛ فقد تتعرض بنوده للتبدد خلال الطريق أو قد تثبت الإرادة الدولية وبضمنها واشنطن، أنه بعد طول وقت، وبعد طول ظلم، أمكن السير بحل على مراحل للقضية الفلسطينية. 

.. وبعجالة واختصار يمكن القول أن الأهمية الاستراتيجية للقرار ٢٨٠٣ بالنسبة للفلسطينيين من جهة؛ ونقاط الإزعاج الاستراتيجية فيه من جهة ثانية بالنسبة لإسرائيل؛ تتمثل أقله بنقطتين إثنتين:

النقطة الأولى معنوية ولكن من منظار إسرائيلي تظل خطرة للغاية؛ كون مضمونها لا يتعلق فقط أو بالأساس بأنها تشق (أي هذه النقطة) طريقاً ولو نظرياً يعاكس الجهد الإسرائيلي لمنع إقامة الدولة الفلسطينية؛ بل لكون مضمون هذه النقطة الداعية لتقرير حق المصير للفلسطينيين بشروط، تمت الموافقة عليها لأول مرة في مجلس الأمن وبموافقة العضو الأبرز فيه أي الولايات المتحدة الأميركية..

.. بمعنى آخر أهمية هذه النقطة لا تتعلق بما تدعو إليه بل بالمكان الذي تم فيه الموافقة عليها..

في الماضي كان يتم اتخاذ قررات لصالح الفلسطينيين في الهيئة العامة للأمم المتحدة، ولكن كل هذه القرارات كان محكوماً عليها بأن تتكسر عند وصولها لمجلس الأمن الذي له دور “فلترة” تحويل اقتراحات الأمم المتحدة إلى قرارات صلبة ونافذة. ودائماً كان مندوب الولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن هو من يمنع تحول مشاريع القرارات الأممية المضادة لإسرائيل إلى قرارات نافذة، ولكن هذه أول مرة تقدم واشنطن (وليس الصين أو روسيا) لمجلس الأمن مشروع قرار يتضمن توجهاً جوهرياً ولو نظرياً لا تريده إسرائيل، ويتم الموافقة عليه من دون أي فيتو.

هذا التطور تنظر إليه إسرائيل بقلق من زاويتين الأولى أنه يعبر عن خسارتها لحصن دفاعي دولي كبير اسمه مجلس الأمن وبكلام أدق الفيتو الأميركي في مجلس الأمن. والثانية أن إسرائيل بات يجدر بها أن تتوقع أن يصل للبيت الأبيض مستقبلاً إدارة أقل ود تجاه إسرائيل وتنفذ بند تقرير المصير للفلسطينيين المنصوص عليه في القرار ٢٨٠٣.

النقطة الثانية التي تشكل من وجهة نظر إسرائيل خطراً كامناً داخل القرار ٢٨٠٣ يتمثل بأن قوة الاستقرار سوف تسمح لدول إقليمية كتركيا مثلاً بأن تصبح لاعباً مهماً ليس فقط في الفضاء الجيوسياسي الإسرائيلي بل على الحدود المباشرة لإسرائيل.

والواقع أن رد فعل إسرائيل على ٢٨٠٣ سوف يتسم بحسب توقعات بأنواع من المماطلة بتنفيذه وذلك ضمن استراتيجية إسرائيلية خفية للتعامل معه تقوم على مبدأ عدم معارضته وعدم تنفيذه بنفس الوقت.

Exit mobile version