نزيه حمد: منع الانهيار يبدأ من هنا:
التطوير، التكنولوجيا، الابتكار… والمحاسبة
بقلم: نزيه حمد
رئيس مجموعة نزيه اللبنانية الخليجية للصناعة والتجارة
في عالم تتبدل فيه قواعد المنافسة بسرعة غير مسبوقة، لم يعد انهيار المؤسسات—مهما كانت ناجحة أو رائدة—حدثًا مفاجئًا. فالانهيار لا يولد في يوم واحد، بل يبدأ من تراكمات صغيرة، وقرارات يومية غير محسوبة، وتفاصيل مهملة داخل الإدارة تغيب عنها الرؤية والمحاسبة.
القرارات الخاطئة… الطريق الصامت إلى الانهيار
تبدأ الأزمات عادة من الداخل، حين تتخذ الإدارة قرارات توسّع عشوائي دون جاهزية مالية وتنظيمية واضحة.
ويزداد الخطر حين يتم اعتماد سياسات تسعير غير مدروسة بلا تحليل للسوق أو المنافسين، مما يضعف القدرة على الاستمرار.
ويلي ذلك إهمال التسويق الفعّال في بيئة أصبحت فيها المنافسة شرسة والحضور الرقمي ضرورة لا خيارًا.
كما يساهم الخلط بين الموارد العامة والخاصة في تشويه الصورة المالية، ويؤدي سوء إدارة المخزون والأصول إلى خسائر صامتة لا تُكتشف إلا بعد فوات الأوان.
أما التراجع في جودة الخدمة بعد تقديمها فينعكس مباشرة على ثقة العملاء وسمعة المؤسسة.
وتتعاظم الأخطاء عندما تعتمد المؤسسة على كوادر غير مؤهلة، أو تتجاهل الأزمات دون خطط استباقية، أو حين تُتخذ القرارات بدافع العاطفة، بدلًا من بناءها على البيانات والتحليل الدقيق للأرقام.
التطوير… شرط أساسي وليس خيارًا
تواجه المؤسسات اليوم تحديات جديدة لا يمكن تجاهلها، أبرزها:
• التباطؤ في تطوير عملياتها
• التخلف عن مواكبة التكنولوجيا
• غياب التحول الرقمي
العالم أصبح رقميًا بالكامل، ومن لا يندمج في هذا الواقع الجديد يفقد مكانته مهما كان تاريخه عريقًا.
التكنولوجيا اليوم لم تعد ميزة… بل أساس البقاء.
الابتكار… الدرع الواقي للمؤسسات
في زمن تتغير فيه الأسواق وتتبدل فيه احتياجات الناس، أصبح الابتكار عنصرًا حاسمًا في استمرارية المؤسسة.
فالابتكار في الخدمات، والمنتجات، وآليات الإدارة، وحلول التحديات… لم يعد رفاهية، بل خط الدفاع الأول عن مستقبل المؤسسة.
المحاسبة… حجر الأساس لأي خطة تنموية
لا يمكن لأي خطة تنمية—مهما كانت متقنة—أن تنجح إذا غابت عنها المحاسبة.
فوجود مهملين، أو فاسدين، أو غير ملتزمين بالمسؤوليات، كفيل بإسقاط أي مشروع.
العدالة التنظيمية، والمساءلة الصارمة، وتحديد المسؤوليات… كلها ضرورات تمنع تسلل الفساد وترسّخ ثقافة الانضباط والشفافية.
فالتنمية لا تُصنع بالشعارات، بل بالالتزام والرقابة والعمل الجاد.
معادلة نجاح المؤسسات الخاصة والعامة
ترتبط قوة المؤسسات بقدرتها على:
• اتخاذ قرارات مبنية على البيانات
• الاستثمار في الكفاءات
• تبني التكنولوجيا والتحول الرقمي
• تعزيز ثقافة الابتكار
• وضع خطط استباقية للأزمات
• المحاسبة العادلة لكل مقصّر أو فاسد أو معرقل
• تحقيق التكامل بين الجودة والمسؤولية والشفافية
ان الإدارة الواعية تصنع مؤسسات قوية،
والإدارة المهملة تصنع أزمات…
والاختيار دائمًا بيد القيادات.
