الهديل

خاص الهديل: نتنياهو: كم دبابة لدى البابا!؟

خاص الهديل….

بقلم: ناصر شرارة

يحتاج لبنان إلى لحظة تفكير عميقة، ذلك أن التحولات الجارية حوله وبداخله أسرع مما يتوقع .. ثمة أسئلة يجب طرحها، ويجدر طرحها بصوت عال حتى لو لم يكن هناك أجوبة شافية أو حتى جزئية عليها..

أحد هذه الأسئلة هو ماذا يعني أن يتجرأ نتنياهو على توجيه ضربة لعمق لبنان في وقت يحزم فيه بابا روما حقيبته استعداداً لزيارة لبنان؟؟.

السؤال هنا ليس ماذا يريد نتنياهو أن يقول لطهران أو لحزب الله أو حتى لبيروت، بل السؤال هو هل باتت التوازنات العالمية طيعة لصالح نتنياهو لدرجة أن البابا لا يستطيع حماية لبنان الذي فيه الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق الأوسط لمدة شهر واحد!؟.

واستدراكاً، هل انتهى عهد الحماية الدولية ولو المعنوية لبلد الأقليات ولرسالته كنقطة لقاء حضاري بين الأديان وبين الشرق والغرب؟.

والواقع أنه في خضم أن نتنياهو يدير ظهره لمعنى لبنان كما تفهمه الفاتيكان؛ ويدير ظهره لأي حسابات تتعلق باحترام زيارة البابا إلى لبنان؛ يصبح نتنياهو في تصرفاته الراهنة ليس فقط شبيهاً بشمعون كوخيا اليهوي الذي ثار على إمبراطور روما عام ١٣٥ م؛ بل شبيهاً بستالين عندما سأل متحدياً المعنى المعنوي الكبير للفاتيكان: كم دبابة لدى البابا!؟.

لعل البابا يشكل أمضى سلاح دبلوماسي ومعنوي يمكن أن يلجأ إليه لبنان كي يحتمي في ظله الوارث ولو لعدة أسابيع من الاعتداءات الإسرائيلية؛ وحتى هناك من يرى أن لبنان يستطيع توسيط البابا مع إدارة ترامب كي تضغط على نتنياهو لمصلحة لبنان؛ غير أن نتنياهو يمد لسانه لكل هذه الاختبارات ومن خلال عملية الضاحية أول من أمس؛ يرسل نتنياهو أخطر رسائله التي تقول للبنان وللعالم وللفاتيكان: كم دبابة لدى البابا؟؟.

لا يوجد لدى البابا دبابات؛ يوجد لديه صلاة ورجاء، وهذا ما ينتظره منه اللبنانيون.

وبالابتعاد ولو قليلاً عن زيارة البابا للبنان وتغول نتنياهو؛ يجدر التنبه لأمر آخر فيه الكثير من الخطورة أيضاً. والمقصود هنا الموقف الأميركي من لبنان، وليس فقط موقف أميركا تجاه إسرائيل من لبنان. تبدو واشنطن في آخر موقف لها وكأنها تتجه للتهديد بقطع حبل السرة بينها وبين لبنان. فالجيش اللبناني كان دائماً محل نظر من قبل الإدارات الأميركية وقادة البنتاغون المتتالون؛ وما حصل مؤخراً كان صادماً ويوحي وكأن واشنطن تريد قطع العلاقة ليس فقط مع لبنان بل أيضاً مع أي التزام لها بلبنان.

.. ورغم أن البعض يرى أن ما حصل بين واشنطن ولبنان مؤخراً لن يكون له نتائج بعيدة المدى؛ لكن المنطق السياسي يقول ان ما حدث يشبه “الجلطة القلبية الأولى” التي يمكن أن “تعدي ع خير”، ولكن يجب التنبه إلى أن الجلطة الأولى عادة ما تكون إنذاراً لجلطات أخرى قادمة أخطر وربما مميتة.

لا شك أن لبنان يقف على مفترق تحولات وليس على مفترق خيارات؛ وربما كان هذا التوصيف يمتاز بأنه يكشف أين يوجد الخطر القاتل؛ بمعنى أن لبنان قد لا يكون في هذه اللحظة في موقع انه قادر على تحديد نوعية الخيار الذي عليه أخذه؛ بل هو في هذه اللحظة كل ما يمكنه فعله هو توقع – إن استطاع – نوعية التحول الكبير الذي سيداهمه!!

Exit mobile version