خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
يصل اليوم إلى لبنان البابا لاوون الرابع في ظل ظروف صعبة للغاية يمر بها بلد الأرز الذي كان البابا الأسبق وصفه بأنه رسالة.
لا شك أن لبنان كان يحتاج لأن يزوره البابا لاوون؛ ليس فقط لأن هذه الزيارة تشحنه بزخم معنوي ثمين هو بأمس الحاجة إليه في هذه اللحظة؛ بل بالأساس لأن زيارة البابا لاوون الرابع تسهم في تبيان أنه لا يزال هناك دور ومعنى مهم للبنان في محيطه..
وربما يجدر القول ان زيارة البابا لاوون في هذا الظرف تساعد في منح ثقة للبنان بنفسه؛ وتساعد في لفت نظر العالم إلى أن لبنان الذي يهدده اليمين الصهيوني بإعادته إلى العصر الحجري، هو في مضمونه ووجوده يمثل رسالة حضارية إلى العالم وإلى محيطه؛ كونه وجد ليكون وطناً للتعايش الحضاري والديني في زمن تلتهم فيه صراعات الهويات الدينية كل معنى للتسامح في المنطقة.
ويبدو صورة العالم قاتمة حينما يرسم الإعلام العالمي مشهداً للبابا لاوون في لبنان تظهره أنه قديس يؤجل الحرب على بلد صغير يوجد بداخله معنى التعايش الحضاري الآخذ بالتآكل… وتبدو مفارقة تدعو لإحباط إنساني عميق أن يشاهد العالم مشهد السباق بين إرادة الخير والسلام الذي يمثلها وجود البابا في لبنان، وبين إرادة الشر والعدوان التي تمثلها إسرائيل وهي تنتظر مغادرة البابا لبنان لتعتدي عليه وتدمر بيوته!!
لا يملك البابا دبابة كما قال ستالين؛ وعليه يستطيع بمفهوم موازين القوى العسكرية، أن يضرب نتنياهو لبنان بوجود البابا إذا أراد؛ ويستطيع لأسباب لها علاقة بصورة إسرائيل العالمية أن يؤجل حربه على لبنان لحين نسيان العالم زيارة البابا للبنان؛ وأيضاً يستطيع نتنياهو – وهذا هو المرجح – أن ينتظر خروج طائرة البابا من الأجواء اللبنانية ليرسل فوراً طائراته العسكرية للأجواء اللبنانية ليبدأ حربه!!.
.. المهم أن الانطباع السائد والجازم يقول ان نتنياهو لا يعطي وزناً لزيارة البابا إلى لبنان؛ فهو بأقصى حال قد يقبل بتعليق عمليات إسرائيل الحربية ضد لبنان أو ضد بعض المناطق في لبنان، خلال وجود البابا فيه.
لا شك أن عدم وجود أي مانع سياسي أو عسكري أو معنوي أمام رغبة نتنياهو بشن حرب على لبنان هو أمر بات في غاية الخطورة؛ وبات يحتاج إلى حل… فلبنان لا يمكنه أن يعيش في عين الخطر الناتج عن تغول المشروع الإسرائيلي اليميني المتطرف في المنطقة؛ ولبنان لا يمكنه أن يعيش بين فكي تواطؤ ترامب مع نتنياهو ضد الأمن الاستراتيجي اللبناني بغض النظر عن التبريرات المعطاة لهذا التواطؤ.. ومن هنا يجدر التنبيه لأمر أساسي وملح وهو أن زيارة البابا يجب أن لا تنتهي مفاعيلها العالمية والإعلامية الدولية والمعنوية عند انتهائها؛ بل يجب استمرار تفاعلاتها حتى يكون لها نتائج تغير إيجابياً من وضع لبنان غير المستقر وغير الآمن وغير المدعوم بما يكفي دولياً..
قد يكون المطلوب أن تقام صلوات في كل العالم وخاصة في دول القرار الكبرى، وذلك في نفس الوقت الذي يقيم فيه البابا صلاته في لبنان.. يجدر استثمار أن البابا موجود في لبنان للفت نظر العالم إلى أن لبنان يستأهل أن يكون سلمه والحفاظ على معناه بمثابة قضية عالمية يقودها البابا وكل القوى المحبة للسلام والتعايش في العالم..
يبقى القول ان وجود البابا في لبنان يجعل بلد الأرز أمام فرصة استراتيجية قد تساعده على تحسين وضعه في العالم؛ وذلك من خلال دعوة لبنان المنتشر أن يواكب فعاليات البابا في لبنان ومن خلال أن يعلن البابا للعالم من لبنان الصلاة للسلام في لبنان، ومنع الحرب على لبنان.
