الهديل

حصاد اليوم الأحد 30/11/2025

حصاد اليوم….

زيارة تاريخية واستقبال يحبس الأنفاس

عون للبابا لاوون: لن نموت ولن نرحل ولن نيأس

البابا لاوون للبنانيين: أنتم ﺷﻌﺐ ﻻ ﯾﺴﺘﺴﻠﻢ

محلي

استقبل رئيس الجمهورية جوزاف عون، في قصر بعبدا، قداسة البابا لاوون الرابع عشر، وفي كلمة ترحيبية مؤثرة، قال الرئيس عون إن لبنان يستقبل البابا “بفرح عظيم”، واصفًا إياه بـ”رسول السلام في وطن السلام”، ومؤكدًا أنّ الشعب اللبناني بكل مكوّناته يرى في هذه الزيارة بارقة رجاء في زمن تتكاثر فيه الجراح.

وشدّد عون على رمزية لبنان التاريخية والدينية، لافتًا إلى أن الأرض اللبنانية وردت في الكتب المقدّسة مرارًا كرمز للجمال والثبات والقداسة، مذكّرًا بما جاء في نشيد الأناشيد عن جبال لبنان وغاباته. وأضاف: “شعبنا اليوم يشبه الكنعانية التي قال لها يسوع: يا امرأة، عظيم إيمانك… فنحن أيضاً إيماننا كبير ورجاؤنا شفاء النفوس والقلوب من الأحقاد والحروب”.

الرئيس عون أشار إلى خصوصية لبنان الروحية، من تكريس أرضه للعذراء من الجنوب إلى الشمال، إلى الرمزية الوطنية لعيد البشارة الذي أصبح عيدًا جامعًا لكل الطوائف، في ظاهرة “لا مثيل لها في العالم”. كما ذكّر بأن من بعض مياه لبنان تعمّد السيد المسيح في نهر الأردن، ما يجعل من هذه الأرض شاهدًا على “عظمة الخلق والتاريخ المقدّس”.

وتوقف عند مقام القديس شربل الذي سيزوره البابا، معتبرًا أنّ قداسته ومعجزاته “تجسّد وحدة الشعب اللبناني بلا تمييز بين الأديان”.

وأكد عون أنّ لبنان “تكوّن بسبب الحرية ومن أجلها، وليس من أجل أي طائفة أو جماعة”، مشددًا على فرادته كنموذج للعيش المشترك بين المسيحيين والمسلمين “المختلفين لكن المتساوين”.

وحذّر من أن سقوط هذا النموذج ستكون له تداعيات خطيرة: “إذا سقط المسيحي سقطت معادلة الوطن، وإذا سقط المسلم اختلّ اعتداله”. ودعا المجتمع الدولي إلى حماية هذه التجربة الفريدة، لأن بديلها “خطوط تماس بين كل أشكال التطرّف”

أكد البابا لاوون الرابع عشر في كلمة له من قصر بعبدا، أنّ “اﻟﺴّﻼم هو أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﺮّد ﻛﻠﻤﺔ، اﻟﺴّﻼم هنا هو ﺷَﻮق وهو ﻣﺼﯿﺮ، وهو ﻋﻄﯿّﺔ وورﺷﺔ ﻋﻤﻞ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ داﺋﻤًﺎ. أﻧﺘﻢ ﻣﻜﻠﱠﻔﻮن ﺑﺎﻟﺴّﻠﻄﺔ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﻠﺪ، ﻛﻞّ ﻓﻲ ﻣﺠﺎله اﻟﺨﺎصّ وﺑﺄدوار ﻣﺤﺪّدة. وﻣﻦ ﻣﻨﻄﻠﻖ ھﺬه السّلطﺔ، أودّ أن أوجّه إﻟﯿﻜﻢ ﻛﻼم ﯾﺴﻮع، اﻟّﺬي ﺗﻢّ اﺧﺘﯿﺎره ﻟﯿﻜﻮن ﻣﺼﺪر إﻟﮭﺎم أﺳﺎﺳﻲّ ﻟﮭﺬه اﻟﺰّﯾﺎرة: “طﻮﺑﻰ ﻟﻔﺎﻋﻠﻲ اﻟﺴّﻼم” (راﺟﻊ ﻣﺘّﻰ 5, 9)”.

واضاف: “هناك ﻣﻼﯾﯿﻦ اﻟﻠّﺒﻨﺎﻧﯿّﯿﻦ، هنا وﻓﻲ ﻛﻞّ اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﯾﺨﺪﻣﻮن اﻟﺴّﻼم ﺑﺼﻤﺖ، ﯾﻮﻣًﺎ ﺑﻌﺪ ﯾﻮم. أﻣّﺎ أﻧﺘﻢ، اﻟّﺬﯾﻦ ﺗﺤﻤﻠﻮن اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿّﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻣﺆﺳّﺴﺎت ھﺬا اﻟﺒﻠﺪ، ﻓﻠَﻜُﻢ ﺗﻄﻮﯾﺒﺔ ﺧﺎﺻّﺔ إن اﺳﺘﻄﻌﺘﻢ أن ﺗُﻘَﺪِّﻣﻮا هدف اﻟﺴّﻼم ﻋﻠﻰ ﻛﻞّ ﺷﻲء. أودّ، ﻓﻲ ﻟﻘﺎﺋﻨﺎ ھﺬا، أن أﻓﻜِّﺮ ﻣﻌﻜﻢ قليلًا ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ أن ﻧﻜﻮن ﻓﺎﻋﻠﻲ ﺳﻼم ﻓﻲ ظﺮوف ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺘّﻌﻘﯿﺪ، وﻣﻠﯿﺌﺔ ﺑﺎﻟﺼّﺮاﻋﺎت واﻻﺿﻄﺮاب”.

وأشار البابا لاوون إلى أنّ “ھﻨﺎك ﻣﻼﯾﯿﻦ اﻟﻠّﺒﻨﺎﻧﯿّﯿﻦ، ھﻨﺎ وﻓﻲ ﻛﻞّ اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﯾﺨﺪﻣﻮن اﻟﺴّﻼم ﺑﺼﻤﺖ، ﯾﻮﻣًﺎ ﺑﻌﺪ ﯾﻮم. أﻣّﺎ أﻧﺘﻢ، اﻟﺬﯾﻦ ﺗﺤﻤﻠﻮن اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿّﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﻣﺆﺳّﺴﺎت ھﺬا اﻟﺒﻠﺪ، ﻓﻠَﻜُﻢ ﺗﻄﻮﯾﺒﺔ ﺧﺎﺻّﺔ إن اﺳﺘﻄﻌﺘﻢ أن ﺗُﻘَﺪِّﻣﻮا ھﺪف اﻟﺴّﻼم ﻋﻠﻰ ﻛﻞّ ﺷﻲء. أودّ، ﻓﻲ ﻟﻘﺎﺋﻨﺎ ھﺬا، أن أﻓﻜِّﺮ ﻣﻌﻜﻢ ﻗﻠﯿﻼً ﻓﻲ ﻣﻌﻨﻰ أن ﻧﻜﻮن ﻓﺎﻋﻠﻲ ﺳﻼم ﻓﻲ ظﺮوف ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺘّﻌﻘﯿﺪ، وﻣﻠﯿﺌﺔ ﺑﺎﻟﺼّﺮاﻋﺎت واﻻﺿﻄﺮاب”.

ولفت إلى أنّه “ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺟﻤﺎل اﻟﻄّﺒﯿﻌﺔ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن وﻏِﻨﺎه اﻟﺜّﻘﺎﻓﻲّ، اﻟﻠﺬﯾﻦ أﺷﺎد ﺑﮭﻤﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺟﻤﯿﻊ أﺳﻼﻓﻲ اﻟﺬﯾﻦ زاروا ﺑﻠﺪﻛﻢ، ﺗﺘﺠﻠّﻰ ﺻﻔﺔٌ ﺗُﻤﯿّﺰ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﯿّﯿﻦ: أﻧﺘﻢ ﺷﻌﺐ ﻻ ﯾﺴﺘﺴﻠﻢ، ﺑﻞ ﯾﻘﻒ أﻣﺎم اﻟﺼّﻌﺎب وﯾﻌﺮف داﺋﻤًﺎ أن ﯾُﻮﻟَﺪ ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ ﺑﺸﺠﺎﻋﺔ. ﺻﻤﻮدﻛﻢ ھﻮ ﻋﻼﻣﺔ ﻣﻤﯿّﺰة ﻻ يمكن اﻻﺳﺘﻐﻨﺎء ﻋﻨﮭﺎ ﻟﻔﺎﻋﻠﻲ اﻟﺴّﻼم اﻟﺤﻘﯿﻘﯿّﯿﻦ: ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ، ﻋﻤﻞ اﻟﺴّﻼم ھﻮ ﺑﺪاﯾﺔ ﻣﺘﺠﺪّدة وﻣُﺴﺘﻤﺮّة. اﻻﻟﺘﺰام ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺴّﻼم، وﻣﺤﺒّﺔ اﻟﺴّﻼم ﻻ ﯾﻌﺮﻓﺎن اﻟﺨﻮف أﻣﺎم اﻟﮭﺰاﺋﻢ اﻟﻈّﺎھﺮة، وﻻ ﯾﺴﻤﺤﺎن ﻟﻠﻔﺸﻞ ﺑﺄن ﯾﺜﻨﯿﮭﻤﺎ، ﺑﻞ طﺎﻟِﺐ اﻟﺴّﻼم ﯾﻌﺮف أن ﯾﻨﻈﺮ إﻟﻰ اﻟﺒﻌﯿﺪ، ﻓﯿﻘﺒﻞ ويعاﻧﻖ ﺑﺮﺟﺎء وأﻣﻞ ﻛﻞّ اﻟﻮاﻗﻊ. ﯾﺘﻄﻠّﺐ ﺑﻨﺎء اﻟﺴّﻼم ﻣﺜﺎﺑﺮة، وﺣﻤﺎﯾﺔ اﻟﺤﯿﺎة وﻧﻤﻮّھﺎ ﺗﺘﻄﻠّﺐ إﺻﺮارًا وﺛﺒﺎﺗًﺎ”.

وتابع: “اﺳﺄﻟﻮا ﺗﺎرﯾﺨﻜﻢ. واﺳﺄﻟﻮا أﻧﻔﺴﻜﻢ ﻣﻦ أﯾﻦ ﺗﺄﺗﻲ ھﺬه اﻟﻄّﺎﻗﺔ اﻟﮭﺎﺋﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺘﺮك ﺷﻌﺒﻜﻢ ﻗﻂّ ﯾﺴﺘﺴﻠﻢ وﯾﺒﻘﻰ ﻣُﻠﻘًﻰ ﻋﻠﻰ اﻷرض، ﺑﻼ رﺟﺎء. أﻧﺘﻢ ﺑﻠﺪ ﻣﺘﻨﻮّع، وﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻜﻮّﻧﺔٌ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻋﺎت، ﻟﻜﻦْ ﻣﻮﺣّﺪ ﺑﻠﻐﺔ واﺣﺪة: ﻻ أﺷﯿﺮ ھﻨﺎ ﻓﻘﻂ إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿّﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﯿّﺔ اﻟتي ﺗﺘﺤﺪّﺛﻮن ﺑﮭﺎ، واﻟﺘﻲ ﻧﺜﺮت، ﻓﻲ ﻣﺎﺿﯿﻜﻢ اﻟﻨّﺒﯿﻞ، ﻵﻟﺊ ﻻ ﺗُﻘﺪﱠر ﺑﺜﻤﻦ، ﺑﻞ أﺷﯿﺮ ﺑﺼﻮرة ﺧﺎﺻّﺔ إﻟﻰ ﻟﻐﺔ اﻟﺮّﺟﺎء، اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻤﺤﺖ ﻟﻜﻢ داﺋﻤًﺎ ﺑﺄن ﺗﺒﺪأوا ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ”.

كما ركّز البابا لاوون على أنّه “ﯾﺒﺪو أن ﻧﻮﻋًﺎ ﻣﻦ اﻟﺘّﺸﺎؤم واﻟﺸّﻌﻮر ﺑﺎﻟﻌﺠﺰ ﻗﺪ ﺳَﺎد ﺣﻮﻟﻨﺎ، ﻓﻲ ﻛﻞّ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺗﻘﺮﯾﺒًﺎ: وﺻﺎر اﻟﻨّﺎس ﻻ ﯾﻘﺪرون ﺣﺘّﻰ أن ﯾﺴﺄﻟﻮا أﻧﻔﺴﮭﻢ ﻣﺎ اﻟﺬي ﯾﻤﻜﻨﮭﻢ أن ﯾﻌﻤﻠﻮه ﻟﺘﻐﯿﯿﺮ ﻣﺠﺮى اﻟﺘّﺎرﯾﺦ. وﺗﺒﺪو اﻟﻘﺮارات اﻟﻜﺒﺮى وﻛﺄﻧّﮭﺎ ﺗُﺘّﺨﺬ ﻣﻦ ﻗِﺒﻞ ﻗﻠّﺔ ﻣﻦ اﻟﻨّﺎس، وأﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﺨﯿﺮ اﻟﻌﺎم، وﯾَﻈﮭﺮ ذﻟﻚ ﻛﺄﻧّﮫ ﻗﺪرٌ ﻣﺤﺘﻮم. أﻧﺘﻢ ﻋﺎﻧَﯿﺘﻢ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﺗﺪاﻋﯿﺎت اﻗﺘﺼﺎد ﻗﺎﺗﻞ (راﺟﻊ اﻹرﺷﺎد اﻟﺮّﺳﻮﻟﻲ، ﻓﺮح اﻹﻧﺠﯿﻞ، 53)، وﻣﻦ ﻋﺪم اﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ اﻟﺬي ﺧﻠّﻒ آﺛﺎرًا ﻣﺪﻣّﺮة ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮق أﯾﻀًﺎ، وﻣﻦ اﻟﺘّﺸﺪّد وﺗﺼﺎدم اﻟﮭﻮﯾّﺎت وﻣﻦ اﻟﻨّﺰاﻋﺎت، ﻟﻜﻨّﻜﻢ أردﺗﻢ وﻋﺮﻓﺘﻢ داﺋﻤًﺎ أن ﺗﺒﺪأوا ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ”.

وشدّد على أنّه “ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻔﺘﺨﺮ ﻟﺒﻨﺎن ﺑﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﺪﻧﻲّ ﻧﺎﺑﺾ ﺑﺎﻟﺤﯿﺎة، ﻏﻨﻲّ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎءات، وﺑﺸﺒﺎب ﻗﺎدرﯾﻦ ﻋﻠﻰ أن ﯾﻌﺒّﺮوا ﻋﻦ أﺣﻼم وآﻣﺎل ﺑﻠﺪ ﺑﺄﻛﻤﻠﮫ. أﺷﺠّﻌﻜﻢ إذاً ﻋﻠﻰ أﻻّ ﺗﻨﻔﺼﻠﻮا أﺑﺪًا ﻋﻦ ﺷﻌﺒﻜﻢ، وأن ﺗﻀﻌﻮا أﻧﻔﺴﻜﻢ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺷﻌﺒﻜﻢ، اﻟﻐﻨﻲّ ﺑﺘﻨﻮّﻋﮫ، ﺑﺎﻻﻟﺘﺰام واﻟﺘّﻔﺎﻧﻲ. أرجو ﻟﻜﻢ أن ﺗﺘﻜﻠّﻤﻮا ﻟﻐﺔ واﺣﺪة: ﻟﻐﺔ اﻟﺮّﺟﺎء اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻊ اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻟﯿﺒﺪأوا داﺋﻤًﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ. ﻟَﯿﺖ إرادة اﻟﺤﯿﺎة واﻟﻨّﻤﻮّ ﻣﻌًﺎ، ﺷﻌﺒًﺎ واﺣﺪًا، ﺗﺠﻌﻞ ﻣﻦ ﻛﻞّ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﺻﻮﺗًﺎ واﺣﺪًا ﻓﻲ ﺳﯿﻤﻔﻮﻧﯿّﺔ ﻣﺘﻌﺪّدة اﻷﺻﻮات. ﻟﯿﺴﺎﻋﺪﻛﻢ أﯾﻀًﺎ رﺑﺎط اﻟﻤﻮدّة اﻟﻌﻤﯿﻖ اﻟﺬي ﯾﺸﺪّ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﯿّﯿﻦ اﻟﻜﺜﯿﺮﯾﻦ اﻟﻤﻨﺘﺸرين ﻓي اﻟﻌﺎﻟﻢ إﻟﻰ وطﻨﮭﻢ. إﻧّﮭُﻢ ﯾﺤﺒّﻮن وطﻨﮭﻢ اﻷﺻﻠﻲّ، ويصلّون ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺸّﻌﺐ اﻟﺬي ﯾﺸﻌﺮون ﺑﺄﻧّﮭﻢ ﺟﺰء ﻣﻨﮫ، وﯾُﻌﺰّزوﻧﮫ ﺑﺨﺒﺮاﺗﮭﻢ وﻛﻔﺎءاﺗﮭﻢ اﻟﻤﺘﻌﺪّدة اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻌﻠﮭﻢ ﻣﻮﺿﻊ ﺗﻘﺪﯾﺮ ﻓﻲ ﻛﻞّ ﻣﻜﺎن”.

وأردف: “ھﻜﺬا ﻧﺄﺗﻲ إﻟﻰ اﻟﻤﯿﺰة اﻟﺜّﺎﻧﯿﺔ ﻟﻔﺎﻋﻠﻲ اﻟﺴّﻼم: ﻓﮭُﻢ ﻻ ﯾﻌﺮﻓﻮن ﻓﻘﻂ اﻟﺒﺪء ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ، ﺑﻞ ﯾﻔﻌﻠﻮن ذﻟﻚ ﺑﺼﻮرة ﺧﺎﺻّﺔ ﺑﻄﺮﯾﻖ اﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ اﻟشّﺎق. ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ، ھﻨﺎك ﺟِﺮاح ﺷﺨﺼﯿّﺔ وﺟﻤﺎﻋﯿّﺔ ﺗﺘﻄﻠّﺐ ﺳﻨﻮات طﻮﯾﻠﺔ، وأﺣﯿﺎﻧًﺎ أﺟﯿﺎﻻً ﻛﺎﻣﻠﺔ، ﻟﻜﻲ ﺗﻠﺘﺌﻢ. إن ﻟﻢ ﺗُﻌﺎﻟَﺞ، وإن ﻟﻢ ﻧﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺎء اﻟﺬّاﻛﺮة، وﻋﻠﻰ اﻟﺘّﻘﺎرب ﺑﯿﻦ ﻣﻦ ﺗﻌﺮّﺿﻮا ﻟﻺﺳﺎءة واﻟﻈّﻠﻢ، ﻓﻤﻦ اﻟﺼّﻌﺐ اﻟﺴّﯿﺮ ﻧﺤﻮ اﻟﺴّﻼم. ﺳﻨُﺮاوح ﺣﯿﻨﺌﺬ ﻣﻜﺎﻧﻨﺎ، ﻛﻞّ واﺣﺪٍ أﺳﯿﺮَ آﻻﻣﮫ ورؤﯾته ﻟﻸﻣﻮر”.

وأكّد أنّه “ﻻ ﯾﻤﻜﻨﻨﺎ أن ﻧﺒﻠﻎ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ إﻻّ ﺑﺎﻟﻠﻘﺎء. ﻛﻞّ واﺣﺪٍ ﻣﻨّﺎ ﯾﺮى ﺟﺰءًا ﻣﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ، وﯾﻌﺮف ﺟﺎﻧﺒًﺎ ﻣﻨﮭﺎ، ﻟﻜﻨّﮫ ﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﯾﺴﺘﻐﻨﻲ ﻋﻤّﺎ ﯾﻌﺮﻓﮫ أو ﯾﺮاه اﻵﺧﺮ وﺣﺪه. اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ واﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﺗﻨﻤﻮان داﺋﻤًﺎ وﻓﻘﻂ ﻣﻌًﺎ: ﺳﻮاء ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ، أو ﺑﯿﻦ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ واﻟﻤﻜﻮّﻧﺎت اﻟﻤﺘﻌﺪّدة ﻓﻲ ﺑﻠﺪٍ ﻣﺎ، أو ﺑﯿﻦ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ”.

وذكر أنّ “ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔسه، ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﻣﺼﺎﻟﺤﺔ داﺋﻤﺔ ﺑﺪون ھﺪف ﻣﺸﺘﺮك، وﺑﺪون اﻧﻔﺘﺎح ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﯾﺴﻮد ﻓﯿﮫ اﻟﺨﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺸّﺮّ اﻟّﺬي ﻋﺎﻧﻰ ﻣﻨﮫ اﻟﻨّﺎس أو ﻓﺮﺿﻮه ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮھﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺿﻲ أو اﻟﺤﺎﺿﺮ. ﻟﺬﻟﻚ، ﻻ ﺗﻮﻟﺪ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺎﻋﺪة ﻓﻘﻂ، وﻣﻦ اﺳﺘﻌﺪاد اﻟﺒﻌﺾ وﺷﺠﺎﻋﺘﮭﻢ، ﺑﻞ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ اﻟﺴّﻠُﻄﺎت واﻟﻤﺆﺳّﺴﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺮف ﺑﺄنّ اﻟﺨﯿﺮ اﻟﻌﺎم ھﻮ ﻓﻮق ﺧﯿﺮ اﻷطﺮاف. واﻟﺨﯿﺮ اﻟﻌﺎم ھﻮ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع ﻣﺼﺎﻟﺢ ﻛﺜﯿﺮة: إﻧّﮫ ﯾﻘﺮّب أھﺪاف اﻟﺠﻤﯿﻊ ﺑﻘﺪر اﻟﻤﺴﺘﻄﺎع وﯾﺪﻓﻊ اﻟﺠﻤﯿﻊ ﻓﻲ اﺗّﺠﺎه واﺣﺪ ﻟﯿُﺤﻘّﻘﻮا أﻛﺜﺮ ﻣﻤّﺎ ﻟﻮ اﺳﺘﻤﺮّ ﻛﻞّ ﻓﺮدٍ وحده”.

وقال: “ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ، اﻟﺴّﻼم ھﻮ أﻛﺜﺮ ﺑﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﺗﻮازن، داﺋﻤًﺎ ﻣﮭﻠﮭﻞ، ﺑﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻌﯿﺸﻮن ﻣﻨﻔﺼﻠﯿﻦ ﺗﺤﺖ ﺳﻘﻒ واﺣﺪ. اﻟﺴّﻼم ھﻮ أن ﻧﻌﺮف أن ﻧﻌﯿﺶ ﻣﻌًﺎ، ﻓﻲ وَﺣﺪة وﺷﺮﻛﺔ، ﻣﺘﺼﺎﻟﺤﯿﻦ ﺑﻌﻀﻨﺎ ﻣﻊ ﺑﻌﺾ. اﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ، اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﻨﺎ ﺑﺄن ﻧﻌﯿﺶ ﻣﻌًﺎ، وﺗُﻌَﻠِّﻤﻨﺎ أﯾﻀًﺎ أن ﻧﻌﻤﻞ ﻣﻌًﺎ، ﺟﻨﺒًﺎ إﻟﻰ ﺟﻨﺐ، ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻣﺸﺘﺮك. إذاّك، ﯾﺼﯿﺮ اﻟﺴّﻼم ﺗﻠﻚ اﻟﻮﻓﺮة اﻟﺘﻲ ﺳﺘﺪھﺸﻨﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﺘّﺴﻊ أﻓﻘﻨﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ وراء ﻛﻞّ ﺣد وﺣﺎﺟﺰ”.

وختم: “أﺣﯿﺎﻧًﺎ ﻧﻔﻜّﺮ ﻓﻲ انه ﻗﺒﻞ أن ﻧﺘّﺨﺬ أﯾّﺔ ﺧﻄﻮة، ﯾﺠﺐ أن ﯾﺘﻢّ ﺗﻮﺿﯿﺢ ﻛﻞّ ﺷﻲء، وﺣﻞّ ﻛﻞّ ﺷﻲء، ﻟﻜﻦ اﻟﻤﻮاﺟﮭﺔ اﻟﻤﺘﺒﺎدﻟﺔ، ﺣﺘّﻰ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻮء اﻟﻔﮭﻢ، ھﻲ اﻟﻄّﺮﯾﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﺆدّي إﻟﻰ اﻟﻤﺼﺎﻟﺤﺔ. اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﻜﺒﺮى ھﻲ أﻧّﻨﺎ ﻧﺠﺪ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻣﻌًﺎ ﻣﻨﻐﺮﺳﯿﻦ ﻓﻲ ﻣﺨﻄّﻂ أﻋﺪّه ﷲ ﻟﻜﻲ ﻧﺼﯿﺮ فيه ﻋﺎﺋﻠﺔ”.

امني

الجيش الاسرائيلي أطلق عدداً من القذائف الحارقة مستهدفاً المنطقة الواقعة ما بين بيت ليف وراميا

دولي

المرصد السوري: قوات سوريا الديمقراطية تسقط طائرة مسيرة تابعة للفصائل الموالية لتركيا على محور سد تشرين بريف حلب الشرقي

الجيش الإسرائيلي: قتلنا أكثر من 40 مخربا في أنفاق رفح خلال الأيام الأخيرة

‏الرئيس الكولومبي:

– إغلاق مجال فنزويلا الجوي غير قانوني وعلى “المنظمة الدولية للطيران المدني” عقد اجتماع لإدانته

– لا تفويض من مجلس الأمن لإجراءات عسكرية ضد فنزويلا ولا إذن من الكونغرس الأميركي بالتدخّل المسلح

مقدمات نشرات الأخبار

Lbc

في اللحظة التي نتمنى فيها أن يتوقف الزمن، وأن ننفصل عن واقع الحرب والتهديدات.

لحظة الامل الذي يبحث عنه لبنان المتعب.

أمل يحمل رسالتَه البابا لوون الرابع عشر الينا, نحن من يقول له وللعالم :السلام علينا, ونحن من استقبله بشعار “طوبى لصانعي السلام”.

سلام نبحث عنه بين حروب كثيرة نخوضها منذ سنوات, ورسالتنا هي هي، وقد أعلنها البابا يوحنا بولس الثاني في التسعينيات:

لبنان أكثر من بلد. انه رسالة.

رسالة من العيش المشترك بين ابناء طوائف مختلفة, كما قال رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي أضاف: فليسمع العالم ، باقون هنا, رسل محبة وخير منذ البداية حتى النهاية, رسالة اصبحت اليوم امام تحد كبير, وهي اذا سقطت، أسقطت معها ما بقي من مساحات التوازن والتعددية في مشرقنا.

فهل تكون رسالة البابا لوون الرابع عشر التي أطلقها من بعبدا طوق نجاة جديد قبل فقدان البلد والرسالة؟ هو من استخدم كلمة سلام في كلمته سبعاً وعشرين مرة، من دون أن يتطرق الى الحرب الاسرائيلية على لبنان، وهو من دعا اللبنانيين للتحلي بالشجاعة للبقاء في بلدهم, مشددا على أن السلام في الواقع هو أن نعرف كيف يمكننا العيش معا في سبيل مستقبل مشترك .

mtv

Otv

يوم زار البابا يوحنا بولس الثاني لبنان عام 1997، كان الجنوبُ محتلاً من اسرائيل، وكانت البلاد بأسرِها تحت حكم الوصاية السورية، وكانت الطبقة الحاكمة تُمعن انبطاحاً وقمعاً وفساداً، وكان المسيحيون بالتحديد خارج الدولة: قادتُهم بين المنافي والسجون، وشبابُهم ملاحقون، وكفاءاتُهم خارج الوزارات والادارات، وقوانين الانتخاب مفصلة على قياس الاحزاب التي افتَرضت أنها انتصرت في الحرب.

استُقبل البابا القديس يومها بهبَّة شعبية، ملؤها الرسائل السياسية، ورسَم الارشاد الرسولي “رجاءٌ جديدٌ للبنان” الذي سُلِّم الى شابات لبنان وشبابه في حريصا، حداً فاصلاً بين مرحلة لبنان الساحة ومرحلة لبنان الرسالة، رسالة العيش الواحد بين المسيحيين والمسلمين.

وعام 2012 حلَّ البابا بنديكتس السادس عشر ضيفاً على وطن الارز: يومها كان لبنان حراً من الجيوش غير اللبنانية، لكنَّه كان واقعاً تحت تهديد الارهاب التكفيري المولود من رحم احداث الربيع العربي. حينها، أصدر الحبر الاعظم الإرشاد الرسولي “الكنيسة في الشرق الأوسط”، ودعا من لبنان إلى ثورة محبة ترفض العنف والكراهية في المنطقة.

اما اليوم، فاختار البابا لاون الرابع عشر لبنان عنواناً لزيارته الخارجية الاولى ذات البعد السياسي، بعد زيارة ايمانية الطابع الى تركيا، احتفالاً بذكرى الف وسبعمئة سنة على مجمع نيقيا، الذي اقرَّ قانون الايمان الذي يردده المؤمنون في القداديس “نؤمن بإله واحد”.

الاستقبال الشعبي في الوطن الذي عاد جنوبُه محتلاً، والذي تتهدده الاخطار يومياً من الشمال والشرق، كان عامراً وجامعاً. اما الاستقبل الرسمي، فكان لافتاً في الشكل والمضمون، حيث نوه الحبر الاعظم بصفة ﺗُﻤﯿّﺰ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﯿّﯿﻦ قائلاً: أﻧﺘﻢ ﺷﻌﺐ ﻻ ﯾﺴﺘﺴﻠﻢ، وﯾﻌﺮف داﺋﻤًﺎ أن ﯾُﻮﻟَﺪ ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ ﺑﺸﺠﺎﻋﺔ.اﺳﺄﻟﻮا ﺗﺎرﯾﺨﻜﻢ واﺳﺄﻟﻮا أﻧﻔﺴﻜﻢ ﻣﻦ أﯾﻦ ﺗﺄﺗﻲ ھﺬه اﻟﻄّﺎﻗﺔ اﻟﮭﺎﺋﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺘﺮك ﺷﻌﺒﻜﻢ يبقى ﺑﻼ رﺟﺎء، فأﻧﺘﻢ ﺑﻠﺪ ﻣﺘﻨﻮّع، وﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻜﻮّﻧﺔٌ ﻣﻦ ﺟﻤﺎﻋﺎت، ﻟﻜنكم ﻣﻮﺣّﺪون ﺑﻠﻐﺔ واﺣﺪة هي ﻟﻐﺔ اﻟﺮّﺟﺎء، اﻟﺘﻲ ﺳﻤﺤﺖ ﻟﻜﻢ داﺋﻤًﺎ ﺑﺄن ﺗﺒﺪأوا ﻣﻦ ﺟﺪﯾد.

كثيرون يرددون اليوم ان الارشاد الرسولي لعام 1997 بقي حبراً على ورق، بشقيه الروحي والوطني. وكثيرون ايضاً يكادون لا يذكرون مضمون الارشاد الذي تسلموه عام 2012، في خضم التطورات والاحداث المتسارعة.

فما عساه يكون مصير رسالة البابا لاون الرابع عشر اليوم؟ الجواب برسم المسؤولين السياسيين والروحيين، والمؤمنين كما عموم اللبنانيين.

Nbn

الجديد

Exit mobile version