خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة
سجل نتنياهو الرقم القياسي على مستوى أنه الرئيس الوحيد في العالم الذي يعقد مع الرئيس الأميركي خمس لقاءات خلال فترة العام الأول من عهده..
.. وما يجعل هذا الأمر أكثر أهمية؛ هو أن الرئيس الأميركي الذي يلتقي معه نتنياهو هو دونالد ترامب المتصف بأنه الرئيس الأقوى في تاريخ البيت الأبيض، والمعروف بأنه الرئيس النزق والمتعالي، الخ..
وهناك داخل إسرائيل من يرى أن نتنياهو لم يلتق ترامب خمس مرات، بل التعبير الدقيق هو أن ترامب استدعاه خمس مرات؛ أي أن نتنياهو ذهب إلى البيت الأبيض وفق صيغة “الجلب” وليس كضيف.. ويقول هؤلاء أن هناك فرقاً كبيراً بين زيارة تتم وفق برتوكول الدعوة الرسمية يوجهها رئيس لرئيس؛ وبين زيارة تتم على شكل استدعاء واحضار، الخ..
ويلفت هؤلاء إلى أن كل زيارات نتنياهو لترامب حصلت بعد اتصال هاتفي يجريه الأول مع “بيبي”، ثم تنتهي المحادثة الهاتفية بالإعلان عن أن نتنياهو سيزور البيت الأبيض بناء على طلب ترامب.
الواقع أن هذه الطريقة بتوجيه الدعوة، تسمح بالقول إنه قد يكون ترامب يمارس على نتنياهو فعل الإحضار والاستدعاء حتى يفرض عليه حل الخلافات معه تحت الضغط؛ ولكن التجربة تقول غير ذلك؛ أو هي تعطي صورة أخرى عن المعنى الذي تتم به لقاءات ترامب -نتنياهو. ويلاحظ هنا أنه في كل مرة يذهب فيها نتنياهو إلى البيت الأبيض؛ يتلو ذلك حدث كبير، وربما كان الحدث الأبرز في هذا المجال هو ضرب ترامب للمفاعل النووي الإيراني. آنذاك ذهب نتنياهو إلى البيت الأبيض؛ وشاع أن ترامب استدعاه كي يملي عليه شروطه بخصوص كيفية التعامل مع الملف الإيراني؛ ولكن تبين لاحقاً أن ترامب اتفق معه على خطة الحرب مع إيران وعلى تحديد ساعة الصفر لبدء الحرب على الجمهورية الإسلامية في إيران.
أضف لهذه الواقعة أن كل اللقاءات بين ترامب ونتنياهو، تتسم بأن جانباً منها يكون سرياً. فهما يلتقيان أمام الإعلام ويتحدثا بأمور الساعة التي تخصهما وتخص المنطقة؛ ولكن بعد ذلك يعقدا خلوة لا يحضرها سواهما ولا يصدر بعدها بيان رسمي.. وتثبت التجربة أنه داخل هذه الخلوة يتخذان قراراتهما الحقيقية والتي تتصف بأنها تبقى سرية وبأن فحواها يخدم بالكامل وحصراً مصالح إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية.. وبعض المعلقين أطلقوا على هذه الخلوات السرية بين ترامب ونتنياهو تسمية “خلوات الخداع” لأنه يتم فيها اتخاذ قرارات الحرب والضغوط السياسية وتوزيع الأدوار، الخ.
وشيء من رياضة تمرين الذاكرة، يظهر أنه في أحد اللقاءات التي دعا فيها ترامب نتنياهو للقاء به؛ سربت الخارجية الأميركية للإعلام أنه خلال اللقاء أخبر ترامب نتتياهو ما سيقوم به، ولم يستشره أو يقف عند رأيه. وكان الموضوع حينها يتعلق بأن البيت الأبيض سيعاود التفاوض مع إيران؛ وحينها اعتبر الإعلام العالمي أن ترامب دشن سياسة الإملاءات على نتنياهو؛ لكن تبين بعد فترة وجيزة أن ترامب خلال لقائه بنتنياهو حينها أخبره بأنه سيحقق له أهم أمنياته وهي ضرب المفاعل النووي الإيراني. واليوم ترامب يدعو نتنياهو للقاء به وذلك تحت عنوان ظاهر، أو تحت عنوان يتم الايحاء به وهو الضغط عليه للقبول بدخول المرحلة الثانية في غزة، وأيضاً الضغط عليه حتى يغير سياساته تجاه الرئيس أحمد الشرع؛ وأيضاً وأيضاً الضغط عليه حتى يتنازل ولو قليلا بخصوص لبنان!!
التدقيق في هذه العناوين يشير إلى أنه ليس مضموناً أن ترامب لديه مشاكل فعلية مع نتنياهو بخصوص كل هذه العناوين؛ قد يكون هناك تباينات بخصوص ما يجب فعله في غزة؛ ولكن بخصوص سورية ولبنان؛ فإن الأقرب للتخيل هو أن الاتفاق عليهما بين الطرفين سيتم خلال “خلوة الخداع “التي سيعقداها لدى لقاءهما الأسبوع القادم داخل البيت الأبيض، وذلك بعيداً عن الإعلام..

