خاص الهديل….

بقلم: ناصر شرارة
طالما كان هناك معيار ثابت يصلح لأن يقاس من خلاله منسوب العلاقة الأميركية مع لبنان وهو الجيش او بالتحديد مدى التزام أميركا بدعم الجيش.
.. خلال الأيام الأخيرة تقدم خبر التمهيد لعقد مؤتمر بمبادرة من واشنطن وباريس والرياض لدعم الجيش اللبناني؛ وتزامن ذلك مع تصريح للسفير الأميركي في لبنان ميشال عيسى بأن موضوع زيارة قائد الجيش العماد رودلف هيكل إلى الولايات المتحدة الأميركية هو قيد الترتيب.
وكل ما تقدم دل على أن غيمة الملاحظات الدولية على لبنان التي بدأت تطال الجيش اللبناني، انحسرت وبخلال وقت قصير؛ والسبب في ذلك يعود إلى أن جزءا كبيراً من خلفياتها كان مفتعلاً، ويعبّر عن موقف اتجاهات داخل القرار الدولي، وليس عن النواة الصلبة داخل هذا القرار.
لا شك أن مصدر ما شاع عن أنه توتر في الموقف الأميركي تجاه لبنان كان مصدره إسرائيل؛ حيث لوحظ خلال الشهر الماضي نفذت إسرائيل حملة إعلامية وسياسية ودبلوماسية صاخبة ضد كل وجود عسكري في جنوب لبنان؛ ولم يطل ذلك الجيش اللبناني فقط بل قوات اليونيفيل أيضاً.
.. بالعادة كانت إسرائيل تركز في حملاتها السياسية والإعلامية على تواجد حزب الله العسكري في منطقة عمليات القرار ١٧٠١ وتطالب بأن يحلّ الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل مكانه؛ ولكن التطور الجديد في الدعاية الإسرائيلية تمثلت بأنها بدأت تتعامل إعلامياً وميدانياً وسياسياً مع وجود الجيش واليونيفيل على أنه معاد ويخدم استراتيجية حزب الله. وساقت عدداً غير قليل من الافتراءات بوصفها دلائل مادية على افتراءاتها هذه.
السؤال هو عن السبب الذي يجعلها تشن حملة على الجيش واليونيفيل؟؟.
هناك ثلاثة أسباب واضحة، أولها تشديد الضغط على هذين الطرفين ليشعرا بأن ما هو مطلوب منهم تحدده ما تريده إسرائيل وليس ما هو منصوص عليه في بنود القرار ١٧٠١.. ويندرج هذا السلوك ضمن ما يعرف بعمليات الضغط النفسي والمعنوي ضد العدو.
ثاني هذه الأسباب محاولة إشعار الجيش بأنه يواجه تهديداً استراتيجياً في حال لم يخضع لاملاءات التوقيت والأهداف كما تحددها إسرائيل. والمقصود هنا بمصطلح إشعاره بالتهديد الاستراتيجي هو ما تعتقده تل أبيب بأن افضل طريقة لإيصال هذا النوع من الشعور له، هي رسم صورة للموقف يظهر للجيش اللبناني أن أهم مصدر لتسليح (أي واشنطن) بدأت تذهب لموقف قطيعة معه.
ثالث سبب يتعلق بتوجه إسرائيل وأحياناً أميركي بإخراج أوروبا من جنوب لبنان؛ وذلك من خلال إخراج اليونيفيل منه؛ فإسرائيل تشير في خطابه السياسي لليونيفيل بوصفها تجربة حفظ سلام فاشلة، وواشنطن تشير إلى تجربة اليونيفيل بوصفها تجربة أوروبية فاشلة أمنياً ومكلفة مالياً.
والواقع أن أهمية تجدد المسعى الفرنسي الأميركي السعودي لدعم الجيش اللبناني؛ هو أنه يخفف من احتمالات أن تكون هذه الأسباب الثلاثة الوارد ذكرها أعلاه لا تزال موجودة؛ أو لا يزال لها حضور حاد كما برز في الأسابيع الأخيرة.

