مخزومي: لبنان يطمح للسلام القائم على السيادة والقانون والحوكمة الشفافة
أقام النائب فؤاد مخزومي عشاء على شرف السفير الأميركي ميشال عيسى و”مجموعة العمل الأميركية لأجل لبنان” “ATFL”، ألقى خلالها كلمة قال فيها: “يشرفني أن أرحّب بكم هذا المساء فيما نجتمع للاعتراف بالعمل القيّم الذي تقوم به “مجموعة العمل الأميركية لأجل لبنان” ، هذه المنظمة التي لم يتزعزع التزامها تجاه بلدنا رغم كل التحديات. إن انخراطكم، ودفاعكم، ووضوح رؤيتكم يواصل تقديم الأمل والبوصلة في وقت يحتاج فيه لبنان إلى كليهما بشدة. ونحن الليلة نخصّ بالترحيب السفير ميشال عيسى وزوجته العزيزة ليليان”.
أضاف: “سعادة السفير، إن وصولكم إلى بيروت ليس مجرد تعيين دبلوماسي، بل هو تعبير عن تجديد الثقة في لحظة تتقاطع فيها الصعوبات الوطنية مع إمكانات وطنية جديدة. إن خبرتكم ورؤيتكم وفهمكم العميق لتعقيدات الواقع اللبناني تجعل منكم شريكاً لا غنى عنه. وحضوركم يطمئننا بأن الولايات المتحدة ما زالت ملتزمة بعمق بسيادة لبنان وإصلاحه واستقراره. السيادة، القرار 1701، وأزمة السلاح غير الشرعي. يبقى التحدي الأساسي في لبنان واضحاً وغير محلول، لا يمكن لأي دولة أن تعمل فيما الجماعات المسلحة تعمل خارج سلطة مؤسساتها. على مدى ما يقارب العقدين، شكّل قرار مجلس الأمن 1701 الإطار الأساسي للاستقرار في جنوب لبنان، إذ دعا بوضوح إلى أن تكون المنطقة جنوب نهر الليطاني خالية من أي وجود مسلح باستثناء الجيش اللبناني و”اليونيفيل”. ومع ذلك، لم يُنفّذ القرار إلا جزئياً، مما أضعف سيادة لبنان ومصداقيته أمام شركائه الدوليين. وقد أعاد اتفاق وقف الأعمال العدائية في 27 تشرين الثاني 2024 التأكيد على مسؤولية لبنان في ضمان عدم عمل أي جماعات مسلحة خارج سلطة الدولة. وهو يشكّل فرصة حاسمة لكسر دوّامة التصعيد المتكررة وإعادة الاعتبار لهيبة الدولة اللبنانية في كل ما يتعلق بالأمن. لكن الاتفاقات لا تصنع السلام وحدها. التنفيذ هو ما يصنعه”.
وتابع: “وفي هذا السياق، اتخذ لبنان خطوة مهمة وشجاعة من خلال قرار الرئيس جوزاف عون تعيين السفير سيمون كرم في لجنة آلية تنفيذ القرار 1701، وهو مؤشر قوي على جدية لبنان في استعادة سلطة الدولة. لكن أي آلية لن تنجح ما لم يُحترم تفويضها. إن استمرار البنية العسكرية لـ”حزب الله” إلى جانب السلاح الموجود لدى الفصائل الفلسطينية وميليشيات أخرى — يشكّل خرقاً للقرار 1701، ويقوّض اتفاق وقف الأعمال العدائية، ويهدم مفهوم السيادة ذاته. وهو يعطّل الإصلاح، ويضعف المؤسسات، ويجعل لبنان رهينة للأجندات الإقليمية، ولا سيما الإيرانية، التي استخدمت لبنان باستمرار كساحة لمواجهاتها الاستراتيجية. لقد عمّقت السياسات الإيرانية، على مدى عقود، الانقسامات، وقوّت الميليشيات على حساب الدولة، وأجّجت الصراعات الإقليمية، ومنعت لبنان من الوصول إلى الاستقرار والحياة الطبيعية. وقد حمّلت الشعب اللبناني تبعات لم يخترها ولم يستحقها. إن لبنان يسعى إلى الحياة الطبيعية، والسيادة، والسلام، لا إلى عدم الاستقرار الدائم المفروض من الخارج”.
وأردف: “السلام يبدأ بحقيقة أساسية واحدة، ويجب أن تحتكر الدولة اللبنانية وحدها السلاح دون أي استثناء. ونزع سلاح جميع الميليشيات: “حزب الله”، الفصائل الفلسطينية، وغيرها ليس خياراً . إنه الأساس الذي لا غنى عنه للسيادة والاستقرار والنهضة الوطنية. الترسيم الكامل للحدود: ركيزة أساسية للسيادة تتطلب السيادة أيضاً وضوح الحدود. يجب على لبنان استكمال ترسيم حدوده مع جميع جيرانه: سوريا، إسرائيل، وقبرص. وهذا أمر حيوي ليس فقط للأمن وحماية الموارد الطبيعية، بل أيضاً لإزالة أي ذريعة تستخدمها الجهات غير الشرعية لجرّ لبنان إلى الصراع كل بضع سنوات. لقد استُغلت ضبابية الحدود مراراً لتبرير السلاح غير الشرعي والأنشطة العسكرية غير المشروعة. إن الترسيم الكامل يعزّز الدولة ويقضي على هذه الذرائع نهائياً”.
وقال: “هناك أزمة اقتصادية مدمّرة لا تقل خطورة. لقد أصبح اقتصاد النقد غير المنضبط في لبنان ملاذاً للفساد والتهريب والتمويل غير المشروع والتهرب الضريبي. وهو يقوّض المؤسسات، ويدمّر الشفافية، ويعزل لبنان عن الأسواق العالمية. لذلك يجب أن يكون الإصلاح عاجلاً وبنيوياً وذا مصداقية، بما يشمل: إعادة هيكلة القطاع المصرفي بشفافية، ورأسملة سليمة، وحماية للمودعين، ورقابة مستقلة، واستكمال التدقيق الشامل لتحديد الفجوة المالية الحقيقية – تحقيق استدامة الدين واستعادة المصداقية المالية. – مكافحة اقتصاد النقد، وتطبيق قواعد مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتقييد العمليات النقدية الكبيرة، وتحديث أنظمة الدفع. – إعادة هيكلة القطاع العام ليصبح فعالاً وشفافاً وقادراً على خدمة المواطنين. – ضمان الشفافية الكاملة على الحدود ووضع حد للتهريب الذي يستنزف إيرادات الدولة ويقوّي الشبكات غير الشرعية المرتبطة بالجماعات المسلحة. هذه الإصلاحات ضرورية لاستعادة الثقة بالدولة اللبنانية واقتصادها ومؤسساتها، وهنا يشكّل السفير عيسى وATFL شريكين لا غنى عنهما”.
وشدد على أن ” أي إصلاح لا يكتمل، من دون شرعية ديمقراطية. يجب على لبنان إجراء انتخاباته النيابية في موعدها، ويجب أن يحتفظ المغتربون اللبنانيون بحق انتخاب النواب الـ128 جميعاً. إن الانتشار اللبناني أحد أعظم مصادر قوة لبنان، مصدر عالمي للإبداع والمرونة والانخراط الوطني. ومشاركتهم تعزّز مصداقية المؤسسات ووحدة الوطن. مسار مشترك نحو السلام وبناء الدولة لبنان لا يطمح إلى الحرب. لبنان يطمح إلى السلام ، سلام قائم على السيادة وسيادة القانون والحوكمة الشفافة. لبنان تُمسك دولته وحدها بأراضيه وحدوده وسلاحه. لبنان قادر على التعافي الاقتصادي والإصلاح السياسي والاستقرار الإقليمي. لبنان يختار مصيره بعيداً عن الإكراه والخوف والتدخلات الخارجية. ومع شركاء مثل الولايات المتحدة، برؤية واستراتيجية الرئيس ترامب، وبقيادة السفير ميشال عيسى في لبنان، وبالعمل الدؤوب لـ “ـATFL” يصبح هذا الطموح قابلاً للتحقق.
وختم: “السفير عيسى، السيدة ليليان، أعضاء ATFL، أيها الأصدقاء الأعزاء، شكراً لتفانيكم، ولثقتكم بلبنان، ولإيمانكم الدائم بقدرتنا على النهوض. معاً، يمكننا أن نقود لبنان نحو مستقبل لا تحدده الأزمات، بل السيادة والإصلاح والديمقراطية والسلام الدائم. أهلاً بكم مجدداً، وشكراً لصداقتكم الثابتة”.


