كتب عوني الكعكي:
فخامة الرئيس القوي ميشال عون قال لدى استقباله وفداً شبابياً أمس الأول: «إنّ المنظومة الفاسدة تتحكم بلبنان…» وهنا نسأل الرئيس الذي يعتبر نفسه رئيساً قوياً: «بعد 5 سنوات من الحكم ماذا فعلت للقضاء على المنظومة الفاسدة؟».
طبعاً لم تفعل شيئاً خاصة وأنّ «فخامتو» جاء بمنظومة أسوأ من المنظومة التي اتهمها بأنها تتحكم بلبنان.
لا نقول هذا الكلام بغية التجني على فخامته، لكننا نريد أن نسأله عما فعله طيلة السنوات الخمس؟
الجواب: طبعاً كما قلنا لا شيء، بل إن البلد ابتُلي بمنظومة أسوأ من المنظومة التي اتهمها «فخامتو» بالفساد.
وعلى سبيل المثال:
صهره العزيز، الذي رفضه الشعب في الانتخابات النيابية مرتين، وفي المرتين كان يصر على تعيينه وزيراً، فعرقل تشكيل كل حكومة سنة كاملة، لتعيينه في المنصب الذي يريده، وهذا يتنافى مع المبدأ الأساسي للحكم، إذ عندما يرفض الشعب أن يصوّت لمسؤول، فماذا يعني ذلك؟ ذلك يعني إنه من المعيب أن يُعيّـن هذا الشخص في أي مركز لأنّ الشعب لا يريده..
أمّا ما كان يفعله فخامته، فهو الإصرار على تعيين صهره وزيراً في الوزارة التي يختارها الصهر، وهذا طبعاً ضد إرادة الشعب. فأين الديموقراطية ونتائج الانتخابات التي يتحدّث عنها «فخامتو»؟
المصيبة أنه في إحدى المرات سُئِلَ عن تعيين صهره خلال ظهور تلفزيوني له، فأجاب «لعيون صهر الرئيس لا تُشكّل حكومة». هذا الرد يكفي وحده ليؤكد أنّ فخامته يعيش في ازدواجية قاتلة. إذ هو يتغنّى بالديموقراطية وبالحرية في حين أنه يرفض أن يطبقها على نفسه. هذا الرئيس بالفعل، مريض، ويجب أن لا يكون في أي موقع مسؤول.
نعود الى الفساد الذي مارسه صهره في الوزارات التي تسلمها:
نبدأ بوزارة الاتصالات، فمن إنجازاته في هذه الوزارة أنه عيّـن في شركة «ألفا» للاتصالات 500 حزبي من جماعته، فتكبّدت الشركة الخسائر في حين انها كانت تربح مليار دولار سنوياً.
تسلم من بعدها وزارة الطاقة، وهنا مارس كامل شذوذه، من قضية البواخر التي كان يعارضها الى رفض العرض الكويتي لبناء محطتين، والأنكى من هذا كله أنه وضع شروطاً تناقض مبادئ شروط الصندوق الكويتي، الذي كان قد قدّم عرضاً، أهم ما جاء فيه أنّ المحطتين سوف تؤمنان حاجة لبنان من الكهرباء 24/24، وعلى أن يبدأ التسديد بعد 5 سنوات من دون فائدة، ويُقسّط المبلغ على 25 سنة بفائدة واحد في المائة.
المصيبة الكبرى انه رفض إنشاء محطة للتغويز، كي يصبح إنتاج الكهرباء على الغاز ما يوفّر ملياراً ونصف المليار من الدولارات، وأصرّ على شراء قطعة أرض بمبلغ خيالي ليبني عليها محطة في منطقة سلعاتا، بينما محطة واحدة في دير عمار أو في الزهراني والتي تبلغ كلفتها 500 مليون دولار تكفي لكل لبنان وتزيد.
أما مشاريع السدود فحدّث عنها ولا حرج… مئات الملايين صُرفت على سد شبروح الذي لا يصلح، ولغاية اليوم لا توجد فيه مياه.
أما في وزارة الخارجية فيكفي أنه عيّـن «ساقي قهوة» مديراً لمكتبه، بينما جرت العادة أن يختار وزير الخارجية مدير مكتبه سفيراً، له تاريخ حافل لأنه هو واجهة الخارجية. هذا غير السفراء الذين عيّنهم من خارج الملاك فقط لأنهم من «أزلامه» غير القناصل الفخريين الذين كانت مراكزهم تُباع كما تُباع نمر السيارات. أكتفي بهذه المعلومات…
من ناحية ثانية، أشكر الدكتور سمير جعجع على كلمته القيّمة التي قال فيها: إنّ نتائج انتخاب عون كانت كارثية وهو على حق وعلّل أسباب انتخابه للرئيس عون بما يلي:
أولاً: حرصه على طيّ صفحة من الحروب المسيحية، وتوحيد الصف، وفتح صفحة جديدة كان يأمل أن تعطي الخير للبلد، ولكن جاءت النتيجة عكس النيّة.
ثانياً: يحمّل جعجع نفسه مسؤولية اختيار الرئيس عون ظناً منه أنّ هذه كانت إرادة المسيحيين بأن يكون زعماؤهم على وفاق.. ولكن الرئيس لم يلتزم بالاتفاق إلاّ من ناحية حصوله على الرئاسة.
ثالثاً: ذكر الدكتور جعجع أنّ الفراغ ليس في مصلحة الوطن.. فكيف بقينا عامين ونصف العام من دون رئيس، وكان هذا سبباً إضافياً دفعه للمصالحة..
أكرّر شكري للدكتور جعجع، ولكن ليسمح لي بأن أقول له إنّه ليس بالانتخابات فقط نستطيع أن نغيّر، للأسف فإنّ الطائفية أقوى… وهنا لا بد من العودة الى بناء أحلاف على قواعد واضحة تحترم فيها الاتفاقات لا أن تكون مزاجية..