خاص الهديل…
قهرمان مصطفى
لا شك أن التصريحات الإسرائيلية المتوالية منذ سقوط نظام بشار الأسد بخصوص الأكراد المتواجدين في شمال شرق سوريا تعتبر سلاحاً ذو حدين؛ فالتصريحات التي جاءت على لسان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر وآخرها ما كشفته هيئة البث الإسرائيلية، اليوم الاثنين، أن تل أبيب تبحث مساعدة الأكراد في سوريا بطريقة “غير عسكرية”، معربةً في الوقت ذاته عن قلقها من نية تركيا لشن عملية عسكرية واسعة ضدهم في شمال البلاد، ليست إلا غاية في نفس إسرائيل، خاصةً وأن المنطقة التي يتواجد فيها الكُرد في سوريا تعتبر ذات أهمية استراتيجية كبيرة. لذا لعل هذه التصريحات والتي يمكن اعتبارها على أنها تحمل في طياتها أبعاد سياسية، أمنية وعسكرية تؤثر على الأكراد بشكل مباشر وليس من مصلحة الأكراد في ظل ما تشهده المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكياً من قبل فصائل المعارضة ” الجيش الوطني ” المدعوم من تركيا؛ لكن السؤال الأهم هو: هل هدف التصريحات الإسرائيلية من مساعدتها للأكراد إيجابي أم سلبي بالنسبة لهم؟
يمكن القول، إن إسرائيل، الدولة التي تحكمها مصالح استراتيجية خاصةً في منطقة الشرق الأوسط، تجد في دعم الأكراد في شمال شرق سوريا فرصة لتعزيز مكانتها الإقليمية، وعليه يمكن تفسير هذا الدعم عبر عدة محاور:
أولاً، تسعى إسرائيل إلى خلق علاقات مع القوى غير العربية في المنطقة، مثل الأكراد، من أجل تقليل التأثيرات السلبية للدول العربية المناوئة لها، خاصة إيران وسوريا، فالعلاقة مع الأكراد يمكن أن تُضعف تحالفات هذه القوى وتخلق توازناً جديداً في المنطقة، وهذا ما يمكن تسميته بتعزيز وجودها الإقليمي.
ثانياً، مكافحة النفوذ الإيراني؛ فإسرائيل تعتبر أن وجود إيران في سوريا يمثل تهديداً للأمن الإقليمي، وعليه فإن دعم الأكراد يساعد في مقاومة النفوذ الإيراني في المنطقة، خاصة في الشمال الشرقي حيث الحدود العراقية ومنها الإيرانية.
ثالثاً، تحقيق مصالح اقتصادية وعسكرية.. الأكراد في شمال شرق سوريا يمتلكون منابع نفطية هامة، ووجود إسرائيل في هذا السياق يمكن أن يساعدها في تأمين موارد اقتصادية جديدة، بالإضافة إلى استخدام هذه المنطقة كقاعدة استراتيجية ضد الأعداء المشتركين مثل إيران.
يمكن تلخيص المصالح الإسرائيلية في منطقة شمال شرق سوريا عبر دعمهم للأكراد بالنقاط الثلاث المذكورة أعلاه، ولكن ما يجدر القول هنا وما على الأكراد توعيته أن الدعم الإسرائيلي للأكراد في سوريا على أنه غير مشروط، حيث قد تستخدم إسرائيل الأكراد كأداة لتحقيق أهدافها الإقليمية. وبالتالي، قد يشعر الأكراد أنهم مجرد أداة في لعبة القوى الكبرى دون تحقيق مكاسب حقيقية على المدى البعي، مايجدر التنبه له أيضاُ هو أن العلاقة مع إسرائيل قد تُعرض الأكراد لضغوط سياسية وعسكرية من الدول المجاورة مثل تركيا والعراق وسوريا، وهذا ما قد يؤدي إلى تعميق العداء بين الأكراد والدول العربية، مما قد يزيد من عزلة الأكراد في المنطقة.
لذلك، يجب على الأكراد أن يوازنوا بين الاستفادة من إنشاء هكذا علاقة وتفادي الوقوع في فخ المصالح الإسرائيلية التي قد تؤدي إلى تقويض طموحاتهم السياسية في المستقبل.