خاص الهديل..
بقلم: ناصر شرارة
لا تريد واشنطن أغلب الظن أن تفهم على الثنائي الشيعي بموضوع انتخاب رئيس الجمهورية.. ما يحدث هو أن الثنائي الشيعي يفترض من عندياته أن الأميركيين سمّوا مرشحهم للرئاسة؛ وأيضاً يفترض الثنائي الشيعي من عندياته أنه في حال رفع الصوت ضد مرشح الأميركيين فإن واشنطن ستهرع للتفاوض معه (أي مع كل من عين التينة وحارة حريك) وتقدم لهما ثمناً سياسياً بمقابل تراجعهما عن رفض المرشح الذي تسميه أميركا.
الفرضية كما يتصورها الثنائي الشيعي يعتريها الغموض كونها تفترض أنه يمكن إجراء عملية مقايضة بين إيصال رئيس تريده واشنطن وبين ثمن يحصل عليه الثنائي الشيعي بمقابل ذلك؛ فيما الواقع ليس كذلك، ولن يكون كذلك؛ والسبب الأول هو أن واشنطن – ترامب غير واشنطن بايدن وأوباما وبوش الإبن والأب؛ وترامب لم يسبق له أن عقد صفقة حول موضوع الرئيس في لبنان بل هو حسبما يقال اعترض عام ٢٠١٦ على صفقة هيلاري كلينتون التي أوصلت ميشال عون إلى قصر بعبدا.
.. ورغم أن بايدن لا يزال هو الموجود في البيت الأبيض؛ إلا أنه مع ذلك يظل صحيحاً اعتبار أن أميركا دخلت فعلياً عهد ترامب..
والسبب الثاني هو أن حزب الله الـ١٧٠١ بنسخته ٢٠٢٤ هو غير حزب الله القرار ١٧٠١ بنسخته العام ٢٠٠٦ وهو غير حزب الله القرار ٤٢٥ وحزب الله اتفاق الدوحة، الخ… والسبب الثالث هو أن محور الممانعة قبل سقوط الأسد وغياب السيد نصر الله هو غير محور الممانعة اليوم..
كل ما تقدم يقول أمراً أساسياً وهو أن الثنائي الشيعي الإقليمي اختفى ولكن ذلك لا يعني عدم حضوره الداخلي الوازن؛ وعليه يصبح الثنائي أمام معادلة أن عليه أن “يلبنن خياره الرئاسي” وأن يبحث عن ثمن داخلي لخياره الانتخابي في موضوع فخامة الرئيس، وليس عن ثمن خارجي الذي لم يعد متاحاً..
الفكرة الأساس هنا غير حقائق أن الحال تغير بعد تطورات العام الماضي؛ هي أن ترامب لن يفاوض من أجل الإتيان بفخامة رئيس جديد؛ هو يمكنه ضمن ظروف موازين القوى الحالية في المنطقة أن يلمح عن إسم من يريد؛ وسوف تستجيب معظم القوى المحلية اللبنانية لتلميحه. ليس مضطراً ترامب أن يدفع ثمناً مقابل تنفيذ طلبه بانتقاء شخصية دون غيرها للرئاسة.
والواقع أن ما يمكن تسميته بـ”نظرية ترامب لن يفاوض على فخامة الرئيس” بات لها مقتنعين كثيرين بها في لبنان وفي الإقليم، وينصح هؤلاء الثنائي الشيعي؛ بأن يقتنع بها وبأن يثق بأن أقصى ما ستفعله واشنطن – ترامب هو التلميح وليس التفاوض على رئيس جمهورية؛ ويضيف هؤلاء أنه إذا اقتنع الثنائي فهذا سيترجم حصول انتخاب رئيس يوم ٩ الشهر الجاري؛ وإذا لم يقتنع الثنائي بذلك ويستمرون بالإصرار على أنه لا انتخاب قبل التوافق والحوار، والثنائي هنا يقصد بالتوافق والحوار مع واشنطن وليس كما يبدو بالظاهر الحوار والتوافق مع الكتل السياسية الأخرى.
ربما كان تكتيك الثنائي الشيعي بخصوص وضع التفاوض والحوار مع الكتل النيابية بالظاهر ومع أميركا بالجوهر، هو تكتيك صحيح قبل ما حدث من تطورات؛ ولكن حالياً وبعد كل ما حصل وبعد وصول ترامب للحكم، فإن انتخاب الرئيس صار له مدخل واحد، هو وضع الورقة الموحى بها من واشنطن في صندوق الاقتراع، أو خوض معركة داخل صندوق الاقتراع.. غير أن هذه الحقيقة لم ترق بعد إلى مستوى أن تصبح قناعة عند القوى السياسية اللبنانية؛ ولذلك تستمر هذه القوى بانتظار كلمة السر الأميركية..
ومن كل ما تقدم يخلص متابعون للقول أن النتيجة التي سيسفر عنها يوم ٩ يناير سيكون بين احتمالين إثنين: الأول أن تكون الكلمة الموحى بها أميركياً وصلت لبري، وعليه تنتهي الأمور بانتخاب رئيس؛ وإما أن لا يتم انتخاب رئيس، لأن كلمة السر الأميركية لم تصل لا لبري ولا لغيره، وعندها كتل سياسية كثيرة ستخرب جلسة الانتخاب لأن هذه الكتل تراهن على أن كلمة السر الأميركية ستصل بعد عشرين يناير..