خاص الهديل….
![]()
قهرمان مصطفى….
تبدو مشاركة بريطانيا في أزمة أوكرانيا خطوة مفاجئة، خاصةً في ظل تبنيها موقفاً معادياً لروسيا في وقت يحاول فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التصالح مع موسكو لوقف الحرب؛ ولعل هذا التحول يثير تساؤلات حول الدور الذي تسعى لندن للقيام به داخل أوروبا والعلاقة المستقبلية مع الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل وجود الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.
وبالعودة للعلاقات الأمريكية البريطانية فإنها تعود إلى أبعاد تاريخية عميقة، إذ كانت بريطانيا الحليف الأقرب للولايات المتحدة في أوروبا، بفضل عوامل مثل اللغة المشتركة والتاريخ المشترك. ومع مرور الوقت، شهدت هذه العلاقة تطورات، خاصة ًمع إدارة ترامب التي جعلت بريطانيا تستعيد مكانتها عبر انفصالها عن الاتحاد الأوروبي، مما ساهم في تعزيز العلاقة مع ترامب وحكومة بوريس جونسون.
وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء البريطاني الحالي، كير ستارمر، لا يشترك مع جونسون في نفس التوجهات اليمينية، إلا أنه يسعى لاستعادة مكانة بريطانيا كوسيط بين أوروبا وواشنطن، وعليه فهذا الجهد تجسد في لقاءات عدة مع ترامب حول مستقبل أوكرانيا والناتو، وسط خلافات كبيرة داخل الاتحاد الأوروبي بشأن استمرار الحرب.
الوساطة البريطانية قد تجد قبولاً أمريكياً، خاصةً إذا قدمت ضمانات لحماية أوكرانيا ودول أوروبا من خطر روسيا، وهذا يفتح الباب أمام تراجع وحدة الاتحاد الأوروبي، وتعزيز القيادة البريطانية في أوروبا؛ ولكن تبقى القضايا الأخرى، مثل الأراضي التي احتلتها روسيا، خارج النقاشات حتى الآن، مما قد يفسح المجال لتغيرات في قواعد السيادة الدولية، كما يسعى ترامب.
وهنا يمكننا القول بأن الوساطة البريطانية تمثل خطوة واسعة نحو استعادة ثنائية لندن – واشنطن التاريخية، وهو الأمر الذي يساهم باتساع دور بريطانيا في المستقبل، ليتجاوز المحيط القاري، نحو قضايا دولية أخرى خلال المرحلة المقبلة، وهو ما ينبغي الالتفات إليه فيما يتعلق بشكل العلاقات الدولية وما سوف تتمخض عنه التغييرات التي يشهدها العالم في اللحظة الراهنة.

