رئيس الجمهورية في إفطار دار الفتوى:
يسعدني أن ألبّيَ اليومَ دعوةَ صاحبِ السماحةِ مفتي الجمهوريةِ الشيخِ عبدِ اللطيفِ دريان، إلى المشاركةِ في حفلِ إفطارِ دارِ الفتوى، في أيامِ الرحمةِ من شهرِ رمضانَ المبارك، وذلكَ للمرةِ الأولى بعدَ توقفٍ قسريٍّ لسنواتٍ عدةٍ فرضتهُ ظروفٌ قاهرة.
– لعلَّ التدبيرَ الإلهيَّ شاء أن يتزامنَ هذا الشهرُ الفضيلُ مع زمنِ الصومِ الكبيرِ لدى الطوائفِ المسيحية. فالصومُ، بما يعنيهِ من ممارسةٍ روحيةٍ مشتركةٍ بين المسلمينَ والمسيحيين، هو التقربُ إلى اللهِ من خلالِ الصلاةِ والعبادةِ والتوبةِ والاستغفارِ والصبرِ وضبطِ النفسِ وتربيةِ الإرادةِ والتضامنِ مع الفقراءِ والمحتاجين، وهو ما نشاهدهُ ونلمسهُ في مجتمعِنا في هذا الشهرِ الكريم
– إذا كانَ الصومُ يعلّمُنا التضامنَ والوحدة، فإن رمضانَ يذكِّرُنا بأهميةِ المشاركةِ والانخراطِ الإيجابيِّ في قضايا وطنِنا. فلبنانُ الذي نعتزُّ بهِ جميعًا، هو وطنُ الرسالة والتنوعِ والتعددية، وطنٌ يتسعُ للجميعِ بمختلفِ انتماءاتِهم ومعتقداتِهم. ومن هنا تأتي أهميةُ المشاركةِ السياسيةِ لجميعِ شرائحِ المجتمعِ اللبناني، من دونِ تهميشٍ أو عزلٍ أو إقصاءٍ لأيِّ مكونٍ من مكوناتِه
– إن هذهِ المشاركةَ تقومُ على مبدأ أساسٍ وهو احترامُ الدستورِ ووثيقةِ الوفاقِ الوطنيِّ، وتفسيرِهما الحقيقيِّ والقانونيِّ لا التفسيرِ السياسيِّ أو الطائفيِّ أو المذهبيِّ أو المصلحي. إن الدولةَ اللبنانيةَ بمؤسساتِها المختلفة، وبقدرِ حرصِها على حمايةِ التنوعِ اللبنانيِّ وخصوصيتِه، فإنها ملتزمةٌ، وقبلَ أيِّ شيءٍ، بحفظِ الكيانِ والشعب، فلا مشروعَ يعلو على مشروعِ الدولةِ القويةِ القادرةِ العادلة، التي ينبغي بناؤُها وتضافرُ جميعِ الجهودِ لأجلِ ذلك
– إن التحدياتِ التي يواجهُها لبنانُ كبيرةٌ ومتنوعة، لكن إرادةَ الحياةِ لدى اللبنانيينَ أكبرُ وأقوى، من أجلِ بناءِ لبنانَ القويِّ بدولتِه ومؤسساتِه، المزدهرِ باقتصادِه ومواردِه، المتألقِ بثقافتِه وحضارتِه، المتمسكِ بهويتِه وانتمائِه، المنفتحِ على محيطِه العربيِّ والعالمي.