خاص الهديل….
كتب بسام عفيفي
تقتضي الموضوعية العودة إلى مرحلة سبقت انتهاء فترة الشغور الرئاسي حيث كانت الدولة في تلك المرحلة مهددة بالتبدد مع كل يوم جديد يمر خلالها؛ والمقصود هنا بوضوح الفترة التي تلت انتهاء عهد الرئيس ميشال عون ووصول الرئيس جوزاف عون. فخلال هذه الفترة كان يوجد شخصية حمت بصلابة وحنكة حضور الدولة ولو بالحد الذي ما كان يمكن لغيرها أن تفعله، وذلك نظراً لما كان يسود تلك المرحلة من نزعات التشتت الوطني وتوجهات غايتها إعلاء شأن كل ما هو مصالح ضيقة على حساب المصلحة الوطنية العليا.. وهذه الشخصية هي دولة الرئيس نجيب ميقاتي.
يعترف خصومه قبل أصدقائه بأن الرئيس نجيب ميقاتي نجح على نحو واضح ولافت في حراسة الدولة والتوازنات الضامنة للاستقرار وذلك طوال فترة الفراغ الرئاسي الطويلة؛ وخلال فترة المصاعب هذه قاد ميقاتي حكومة تصريف الأعمال باتجاه يمنع تصريف الدولة؛ علماً أنه كان يوجد في تلك المرحلة العديد من القوى التي تحاول لأسباب شعبوية أن تجعل من شعار شل الدولة شعاراً وطنياً، بمقابل الإيحاء بأن شعار ونهج الرئيس ميقاتي الهادف لمنع شل الدولة وانتاج دينامية تصريف أعمال تلبي حاجات المواطن الضرورية، هو خيانة ميثاقية وطنية، الخ..
لقد أجاب خلال تلك الفترة الرئيس ميقاتي بأفعاله على تحديات تلك المرحلة الخطرة التي تخللتها كل أنواع الأزمات: نتائج انهيار اقتصادي ومالي؛ فراغ رئاسي مع الاستتباعات الداخلية والخارجية الحرجة والحساسة لمثل هذا الوضع؛ حكومة مقيدة بصلاحية تصرف الأعمال وليس إنتاج الأعمال؛ نشوب أعنف واخطر حرب إسرائيلية على لبنان خلفت آلاف الشهداء ومئات آلاف النازحين، الخ..
نجح الرئيس ميقاتي بالاستجابة لكل هذه التحديات وصنع من ضعف الدولة قوة وإرادة وطنية وسياسة قادرة على تقليل الخسائر للحد الأدنى وعلى إنتاج مكاسب ولو بالحد المعقول.
اليوم وبعد أن أصبحت أخطر مرحلة بتاريخ لبنان الحديث وراء ظهرنا، صار يمكن القول بشجاعة وبثقة كبيرة أن الرئيس ميقاتي قام في الوقت الصعب بعمل وطني كبير؛ لقد عمل على حماية الدولة من الشعبوية، وحماها من الانهيار والشلل؛ وحافظ على بقاء المؤسسات تعمل رغم كل الظروف القاتلة.
الآن يمكن القول للرئيس ميقاتي: شكراً..
الحق يقال أن الوفاء الوطني لما قام به الرئيس ميقاتي يحتم إظهار ليس الإمتنان له لأن خدمة الوطن واجب وليس تشريفاً؛ بل إظهار التقدير ورفع القبعة لجهوده التي تؤكد ما هو مؤكد بخصوص أنه رجل دولة وأنه الشخص المتمرس المناسب لشغل موقع التصدي للمراحل الخطرة والاستثنائية.