خاص الهديل…
قهرمان مصطفى..
عندما يُذكر العطف والحنان تتجلى إلى الأذهان صورة الوالدين، وحين نتحدث عن العطاء تشرق سيرتهما كنبع لا ينضب من المحبة والتفاني، وهذا ما يميز عيد الأم عن غيره من الأعياد، فهو مناسبة مميزةٌ للأسرة تجسد فيها أسمى معاني الحب والوفاء، فهو ليس مجرد يوم عابر في رزنامة الأيام، بل هو إشراقة مضيئة تعيد للقلوب دفء المشاعر، وتمنحها فرصة للتأمل في رحلة ممتدة من البذل والصبر والتضحية.
حين يكبر الأبناء، تظل الأم الحصن الذي يعودون إليه في لحظات الضعف، والظل الذي يحميهم من لهيب الحياة، والنبع الذي يروي أرواحهم كلما اجتاحهم العطش، وبكل هذا لم تكتفِ الأم بدورها الأسري، بل امتدت أياديها إلى بناء المجتمع، فكانت الملكة القوية، والمزارعة الكادحة، والمعلمة التي تنقش في القلوب أبجدية النور، دون أن تتخلى عن رسالتها الأسرية العظيمة.
الاحتفاء بعيد الأم لا ينبغي أن يقتصر على يوم واحد، بل هو التزام دائم ينبغي أن يُترجم إلى أفعال يومية تعكس الاحترام والتقدير، إنه يوم يفيض بالمشاعر الصادقة، حيث تملأ كلمات الحب أجواء البيوت، وتُقدم الهدايا التي تحمل بين طياتها معاني الوفاء، وتُروى الحكايات عن الوالدين اللائي صغن من أوجاعهن جسورًا عبرها أبناؤهن نحو النجاح.
ومن هذا المنطلق نؤكد بأن الحب ليس وردة تُهدى في يوم واحد، ولا عرفان الجميل هدية تُقدم ثم تُنسى، بل هو سلوك مستمر، ووفاء لا ينقطع. وإن كان لعيد الأم وهج خاص، فإن أجمل ما يُقدَّم فيه هو الشعور الصادق الذي يملأ القلوب امتناناً، واليقين بأن ما قدمته الأم لا يقدر بثمن، وأن برّها ليس مجرد واجب، بل هو طريق إلى البركة في الدنيا، وإلى النعيم في الآخرة، فليس هناك أجمل من ابتسامة أم تشعر بمدى تقدير أبنائها لها، وليس هناك أعظم من لحظة تُرد فيها ولو جزء بسيط من تضحياتها التي لا تُحصى.
وفي ختام هذه السيمفونية العاطفية التي تعزفها القلوب قبل الأقلام، يظل عيد الأم عيدًا للأسرة بأكملها، يتجاوز حدود الاحتفال ليكون وعدًا متجددًا بالعرفان والتقدير وفرصة لإعادة التأكيد على أن الوالدين هما القلب النابض للأسرة، والمصدر الأول للحنان والحكمة، وأنه مهما تطورت الحياة وتغيرت الظروف، سيظل كلا الوالدين نموذجًا يُحتذى به في التضحية والصمود، وستبقى الأسرة صرحا شامخاً، وإن كان للأيام مواسمها المتبدلة، فإن حب الوالدين هو الفصل الدائم الذي لا يعرف أفولاً، والمأوى الذي لا يخذل، والنبع الذي لا ينضب.