خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
هذا الصباح هو يوم جديد على العالم؛ قد يكون بداية تؤسس لحرب عالمية ثالثة؛ أو قد تكون بداية تؤسس لنظام دولي جديد تعترف فيه الولايات المتحدة الأميركية بقوى عالمية جديدة تمارس معها الندية في تسيير شؤون العالم.
هناك غموض كببر وهناك سؤال ضخم عن مستقبل العالم؛ ولا يوجد عليه إلا إجابة واحدة وهي القلق.
.. ما حصل من انهيارات في الأسواق العالمية والبورصات نتيجة بدء ترامب بحربه التجارية ضد الأصدقاء والخصوم يوحي وكأن هذه النتائج هي بالفعل نتائج حرب عالمية فعلية وقعت وليس حرب تجارية وتعريفات جمركية.
أمس جلس ترامب إلى جانب هاتفه الساخن في البيت الأبيض وبدأ رحلة انتظار اتصالات من رؤساء الدول كي تبلغه انها استسلمت لشروطه التجارية وهي تتوسل التفاوض معه.
.. ولكن حتى الآن لم يصل اي اتصال ذي شأن إلى البيت الأبيض من الدول التي يسعى ترامب لتلقي جواب استسلامها، وبالأخص من الصين التي بدل رفع الراية البيضاء، قامت بإعلان أنها قبلت التحدي بدل أن تهرب منه، وقررت التعامل بالمثل مع قرار ترامب رفع التسعيرات الجمركية على وارداتها للولايات المتحدة الأميركية.
.. والقرار الصيني يعني أن الحرب التجارية الأميركية لن تؤدي إلى مفاوضات بين عملاقي الاقتصاد العالمي بل إلى تصعيد في حربهما الاقتصادية التي هناك خشية من تحولها إلى حرب عسكرية كونية.
وفي غمرة تصعيد تاريخي في العلاقة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين يتم في الشرق الأوسط طرح أسئلة حرجة عن مستقبل التنمية في دوله؛ خاصة وأن هناك دولاً عديدة ومركزية في المنطقة وضعت خططاً طموحة لبلوغ مستويات تنمية مرتفعة مع حلول العام ٢٠٢٠.. وكان هناك رهان على أن تعاظم إمكانات هذه الدول المالية سيتم استخدامه في تمويل إنهاء الحروب في المنطقة وإطفاء الحرائق الاجتماعية؛ وإعادة إعمار ما هدمته الحروب خلال السنوات الأخيرة؛ ولكن يتضح الآن أن أزمة الحرب التجارية العالمية سوف تغتال كل هذه الآمال؛ وسوف تؤدي إلى ازدياد التوترات الاجتماعية التي تنطوي على مشاكل سياسية تعبر عن نفسها باحترابات أهلية في غير منطقة من العالم وفي غير دولة بالشرق الأوسط.
قصارى القول في هذا المجال أن مشاكل المنطقة السياسية قد تجد حلولاً أميركية لها بفعل أن ترامب يريد التفرغ لحربه التجارية مع الصين وربما مع أوروبا؛ ولكن نتائج الحرب التجارية العالمية سوف تؤدي موضوعياً إلى توترات اجتماعية وارتفاع منسوب الحرائق الناتجة عن عدم القدرة على تمويل حلول تزيل نتائج الحروب التي اشتعلت في المنطقة منذ بداية هذا القرن.