د. حمد الكواري يرثي شقيقه
المرحوم جهام بن عبد العزيز الكواري
بكل خشوع ورضاء بقضاء الله، أرثي أخي الكبير العزيز، المرحوم جهام بن عبدالعزيز بن علي بن عمران الكواري، الذي لم يكن مجرد أخ، بل كان لي أبًا، وصديقًا، ورفيق دربٍ طويلٍ، مشى معي فيه منذ نعومة أظفاري وحتى لحظة وداعه الأخيرة.
فقد كان أقرب الناس إلى قلبي، ألجأ إليه في كل حين، وأجد عنده ما لا أجده عند غيره: السند، والحكمة، والسكينة.
لقد اختصه الله بأخلاق فاضلة، وهيبةٍ صامتة، فكان قليل الكلام، لكنه حين يتكلم كانت كلمته بلسمًا يشفي، وميزانًا يعدل،
في وجه الأزمات، ووسط العائلة، كان دائمًا هو الطرف المضحي، الحريص على جمع الشمل، وتقديم وحدة الأسرة على كل اعتبار.
حين أثقل عليه المرض، لم يكن العجز حاجزًا بيننا، بل كانت ابتسامته الصامتة، ونظرته الوادعة، تبث فينا سكينةً ورضا، :
{وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}
لقد خدم وطنه بإخلاص، في صمت الكبار، وغرس في أبنائه وبناته حب العطاء، فأحسن تربيتهم، وزرع فيهم القيم، والعلم، والانتماء، فكبروا ليصبحوا ثمرته الباقية، وزينته الخالدة، في خدمة بلدهم، ورفعة مجتمعهم، وطيب معشرهم.
وقد قال لي أحد الأعيان مرة:
“أخوك جهام، أنعم الله عليه بثروة لا تُقدر بثمن”.
فاستغربت، من منطلق معرفتي من تواضع ثروته فقال لي: “نعم، أبناؤه هم ثروته، وأي ثروة أعظم من ذرية صالحة؟”.
صدق الله إذ قال:
{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}
رحمك الله يا أخي، ويا والدي الثاني، ويا صاحب القلب النقي، واليد البيضاء، والنفس الطيبة، وجعل الله ما قدمته لأهلك ولوطنك في ميزان حسناتك.
وغفر لابنك المهندس هلال، وأسكنه فسيح جناته، وأطال في أعمار أبنائك الآخرين، وبارك في نسلهم، وجعلهم ذخراً لدينهم، وبلدهم، وأمتهم.
لقد ودعتنا يا فلذة القلب يا / تميم رحمك الله، ولم يلتحم الجرح حتى لحق بك عمك/جهام
جمعكم الله برحمته وواسع جناته.
وأسأله سبحانه أن يجزيك يا (أبو محمد) خير الجزاء، وأن يكرم نزلك، ويوسع مدخلك، ويجعل الجنة مأواك ومستقرك، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقًا.
{يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ، ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً، فَادْخُلِي فِي عِبَادِي، وَادْخُلِي جَنَّتِي}
رحمك الله يا (بومحمد) وجعل ذكراك بيننا نورًا لا يخبو، وأثراً لا يُنسى.