د. حمد الكواري:
حضورنا العربي في كوريا:
بين واقعنا المؤلم والتقصير
حاولتُ جاهدًا أن أقتنص لحظات من الحوار مع بعض الكوريين الذين التقيت بهم، رغم سيطرة النقاشات المرتبطة بقرارات الرئيس الأميركي ترامب وتبعاتها على مجرى الحديث. وسعيتُ لأن أوجه الحديث نحو قضايا محط اهتمامي، الشأنين السياسي والثقافي.
فجأة، وجدتني أسألهم: “هل تتابعون ما يحدث في الشرق الأوسط، وفي غزة تحديدًا؟”
ساد الصمت لثوانٍ، ثم تبرع أحدهم بالإجابة، علمت فيما. بعد أنه قد عمل في بعض الدول العربية وملمًّا إلى حد ما بأوضاعنا. قال بصراحة: “ليس كثيرًا. أنتم العرب شبه غائبين عن الساحة الكورية. ما يعرفه معظم الكوريين عنكم يقتصر على النفط والغاز، وبعض ملامح التطور الاقتصادي في دول الخليج.
أما سياسيًا وثقافيًا، فأنتم غير حاضرين تقريبًا. في المقابل، الطرف الآخر – ويقصد إسرائيل – نشِط جدًا في إيصال صوته، ومؤثر في المشهد الإعلامي والثقافي”.
ثم أضاف بنبرة صريحة: “أنتم حين تحضرون، تحضرون متناحرين لا موحدين. وبالتالي لا صوت يُسمع ولا تأثير يُذكر.”
ورغم تعاطفه الشخصي مع قضايانا، كما قال، فإنه يرى بأن هذا التعاطف لا يُشارك فيه كثير من أبناء بلده، لأنهم ببساطة لا يعرفون الكثير عنا.
خرجت من هذا الحوار بنتيجة واضحة: ليس من حقنا أن نلوم الآخرين على جهلهم بقضايانا أو على عدم تعاطفهم معنا، طالما أن حضورنا هزيل، وصوتنا ضعيف، بل متنافر إن وُجد.
واقعنا في كوريا لا يختلف كثيرًا عن واقعنا في أماكن أخرى: غياب سياسي، حضور ثقافي باهت، وتشرذم يُفقدنا القدرة على التأثير في الرأي العام العالمي.