خاص الهديل…
قهرمان مصطفى
لا يبدو أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ينوي التراجع عن مشروعه السياسي والأمني في الأراضي الفلسطينية، فاستمرار العمليات العسكرية، رغم كل الكوارث الإنسانية، ما هو إلا انعكاس لإستراتيجية أوسع تهدف إلى ترسيخ بقائه في رئاسة الحكومة، وتعزيز التحالف اليميني المتشدد الذي يستند إليه.
وضمن هذه الخطة الممتدة، يسعى نتنياهو إلى إعادة تشكيل الجغرافيا والديموغرافيا الفلسطينية بما يخدم رؤيته طويلة الأمد: فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، ومنع قيام كيان فلسطيني موحد، والعمل على تدمير البنية التحتية للقطاع، ودفع سكانه إلى الهجرة الجماعية، سواء بفعل الضغط العسكري أو بفعل تدهور ظروف المعيشة، وكل ذلك تحت غطاء الدعم الأمريكي الذي وفره له الرئيس السابق دونالد ترامب.
في المقابل، يعمل نتنياهو أيضاً على تعزيز قبضة إسرائيل على الضفة الغربية، وذلك من خلال توسيع المستوطنات، وإنهاك السلطة الفلسطينية مالياً وسياسياً، لتبدو فكرة الدولة الفلسطينية وكأنها وهم مستحيل التحقيق.
في ضوء هذا الواقع، يبرز سؤال جوهري: هل يملك الفلسطينيون اليوم القدرة على مواجهة هذا المخطط الشرس؟
الرد على هذا التحدي المصيري لا يكون إلا بوحدة الصف الفلسطيني، عبر تجاوز حالة الانقسام التي طالت أكثر من اللازم؛ وعليه يجب أن ينبثق موقف فلسطيني موحد، يستند إلى رؤية جديدة شاملة، تنطلق من حوار جاد لا يقصي أحداً، وتدعمها الدول العربية بإرادة سياسية واضحة وموحدة؛ فالمعركة لم تعد فقط على الأرض، بل أصبحت معركة وجود وهوية، والخطر الحقيقي يكمن في بقاء الانقسام، بينما تمضي إسرائيل في فرض واقعها بالقوة وتحت مظلة صمت دولي مريب.
ومنذ اندلاع الحرب الأخيرة، تتكشف تصريحات نتنياهو عن مواقف لا لبس فيها: لا مكان لا لحماس ولا للسلطة الفلسطينية في مستقبل غزة، بل يسعى لإقامة منطقة عازلة تتحكم بها إسرائيل، وفرض ترتيبات أمنية وإدارية يختارها بنفسه، سواء كانت عبر أطراف عربية أو جهات دولية.
خلاصة القول.. ما يراد لغزة ليس فقط التدمير، بل تحويلها إلى منطقة منكوبة لا تصلح للعيش، تمهيداً لدفع سكانها إلى الرحيل، وفرض وقائع جديدة تخدم المشروع الصهـ ـيوني في تفتيت القضية الفلسطينية وتحويلها إلى أزمة إنسانية لا سياسية.