خاص الهديل:
تتعالى المخاوف لدى سكان المنطقة الواقعة شرق البحر الأبيض المتوسط من إحتمالية حدوث زلازل مشابهة لما وقعت في فبراير 2023، خاصةً بعد التنبؤات التي دعونا نقول أنه صدق بها، العالم الهولندي فرانك هوغريبتس قبل مدة والذي تنبأ بوقوع الزلزالين المدمرين جنوب تركيا واللذين بلغت شدتهما 7.7 و7.6، وبات الجميع يسأل عن جيولوجيا المنطقة وطبيعتها التكوينية واحتمالات حدوث زلازل مدمرة فيها مستقبلاً، علاوةً على المخاوف التي ارتبطت بتنبؤاته الأخيرة والخشية من حدوثها دون التحضير لها. فقد سلط العالم الهولندي للزلازل،هوغريبتس، هذه المرة الضوء على التحركات الفلكية المقبلة وتأثيرها المحتمل على نشاط الزلازل في مناطق محددة من العالم، لينبه إلى أن كوكب الزهرة سيكون في زاوية قائمة مع الأرض ونبتون، مما يعني احتمالية زيادة النشاط الزلزالي في الأيام الخامس عشر والسادس عشر من شهر يونيو/حزيران.
كما وأشار الخبير الهولندي إلى أن الفترة الممتدة من 15 إلى 16 يونيو/حزيران قد تشهد نشاط زلزالي ملحوظ، مع توقعات بحدوث زلازل تصل قوتها إلى 6 و7 درجات على مقياس ريختر.
ويُحدِّد العالم الهولندي المناطق المعرضة للخطر بشكل خاص، مثل تركيا والشرق الأوسط وأفريقيا، كما يشير أيضاً إلى احتمالية حدوث زلازل بقوة 6 درجات في تلك المناطق، ويحدد أكثر فيقول إن تركيا وسوريا ولبنان جزء من المنطقة المحفوفة بالمخاطر، إضافةً إلى شرق إفريقيا ويمكن أن يكون هناك أيضاً نشاط زلزالي بقوة 7 درجات.
الخبير الهولندي ركّزَ في توقعاته على تركيا وسوريا ولبنان، وخاصة تركيا، وبأن هذه الدول هي المنطقة الأكثر نشاطًاً زلزالياً، كما أنه يُحذِّر من خطورة الوضع المتوقع، داعياً السكان في تلك المناطق إلى إتخاذ الاحتياطات الضرورية والبقاء على يقظة خلال الفترة المشار إليها لتفادي أية حالات طارئة قد تحدث جراء الزلازل المحتملة، لكن السؤال الذي لماذا دائماً ما تتركز تنبؤات العالم الهولندي على المنطقة الواقعة شرق البحر المتوسط وخاصةً المنطقة العربية منها، وبأنها المنطقة الأكثر عرضةً لخطر وقوع الزلازل؟؟!
بدايةً دعونا نعود بالتاريخ إلى الوراء قليلاً، حيث سنلاحظ بأن المنطقة العربية شهدت تاريخياً عدداً من الزلازل لطبيعتها الجيولوجية، وموقعها على حفرة الإنهدام وفوالق صخرية، حسب تقارير هيئة المسح الجيولوجية الأمريكية.
ومن أبرز تلك الحفر الوادي المتصدع الكبير أو الأخدود الإفريقي الشرقي، الممتد من سوريا ولبنان وفلسطين والأردن وسلاسل جبال غربي البحر الأحمر حتى إثيوبيا والكونغو، ويبلغ طوله أكثر من 6000 كم، تقع أعلى نقطة له قرب مدينة بعلبك اللبنانية، في حين تقع أخفض نقطة على مسافة أكثر من 400 متر تحت سطح البحر عند البحر الميت.
خبراء جيولوجيين أكدوا أن مخاطر الزلازل بشكلها العام تقع في المنطقة العربية، وإن كانت وطأتها ضعيفة وبالكاد يشعر بها سكان المنطقة، تبقى متحركة غامضة لا يمكن التنبؤ بها، وهو ما يستدعي رفع الحيطة مستقبلاً واتخاذ الإجراءات الاستباقية على اختلاف أشكالها، في حين يشير آخرون إلى أن زلزال تركيا وشمال سوريا حدث على فالق الأناضول ولا علاقة له بفالق البحر الميت والمنطقة العربية من الناحية الجيولوجية، وأن ما حدث في تركيا جاء نتيجة طبيعية جيولوجية عالية وحركة انزلاقية قوية، بينما فالق البحر الميت الذي يمتد من مركز الانتشار في البحر الأحمر في الطرف الجنوبي لخليج العقبة إلى شمال حوض حولا جنوبي لبنان حتى الحدود التركية ذو طابع زلزالي معتدل ويصنف من متوسط إلى خفيف. وهذا لا يمنع بطبيعة الحال تعرضه لهزات نشطة في المستقبل.
ويرى الخبراء أن ما وقع في تركيا وشمالي سوريا هو علامة مهمة لا بد من الانتباه إليها في المنطقة العربية، موضحين أن التغاضي عنها قد يجعل قرابة خمس العرب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا معرضين لمخاطر تنامي احتمالية حدوث زلازل مدمرة في المستقبل.
مخاطر الزلازل والهزات الأرضية وإن تبدو اليوم وطأتها ضعيفة وبالكاد يشعر بها السكان العرب، إلا أنها تبقى مخاطر متحركة ومباغتة، لا يمكن التنبؤ الدقيق بها وتستدعي رفع الحيطة مستقبلاً.
لكن إذا ما ألقينا نظرة على أحزمة الزلازل في العالم، نجد أن منطقتنا العربية ليست بعيدة عن هذه الأحزمة المخيفة؛ فحزام التلاقي بين أوروبا وإفريقيا، هو حزام يعبر شرق البحر الأبيض المتوسط بدءاً من سواحل تركيا وبلاد الشام مروراً بمصر ودول المغرب العربي. أما حزام الأخدود الإفريقي الشرقي، فيمتد من سوريا ولبنان وفلسطين والأردن وسلاسل جبال غرب البحر الأحمر حتى إثيوبيا والكونغو. أما بالنسبة للحزام الآسيوي الأوروبي، فهو حزام يمتد بين جبال الهملايا والألب مارا بباكستان وإيران والعراق وجمهوريات الكومنولث الآسيوية حتى يصل أوروبا.
وآخراً حزام النار، وهو حزام الزلازل المار بجنوب أوروبا ويمتد حتى الصين.
أما إذا تحدثنا عن إحتمالية تعرض المنطقة العربية للزلازل، فالوطن العربي معظمه معرض لها، لأنه يقع على صفيحتين تكتونيتين.
شمال العراق وشمال سوريا هما منطقتان معرضتان 100 في المئة للزلازل، لأن طبيعة وسرعة حركة الصفائح التكتونية تؤثر على نسبة مخاطر التعرض للزلزال.
ختاماً: لا يوجد شخص قادر على معرفة موعد الزلزال، لأنه بحسب خبراء الجيولوجيا التركيبية وعلم الزلازل، لا توجد مؤشرات على أي نشاط زلزالي بمنطقة حفرة الانهدام بعد الهزات الارتدادية التي وقعت في تركيا وشمالي سوريا، كما أن الزلزال لا يقتل؛ إنما يؤثر على البنايات وهي التي تؤدي إلى الوفيات بعد سقوطها، وبالتالي الحل الأمثل هو أن يهتم المسؤولون ببناء بنايات مقاومة للزلازل.